الفضل فصلبا جميعا بالجوزجان على قارعة الطريق، أحدهما حذاء الاخر. فلم يزالا كذلك إلى أيام أبي مسلم وخروجه بخراسان، وهو الذي أمر بهما فأنزلا عن خشبتيهما فكفنا وحنطا وصلي عليهما ودفنا بأرض الجوزجان.
ثم كتب الوليد إلى عامله يوسف بن عمر بالعراق وأمره أن يحط زيد عن خشبته، وأن يحط جميع من كان معه من أصحابه المصلبين هنالك، وأن يحرقهم بالنار والنفط حتى يصيروا رمادا، ثم وضعوا في قواصر وذروا في الفرات، فأنشأ رجل من أهل خراسان يقول:
تقطعت الأسباب بيني وبينكم * بني عبد شمس أو تلاقون مثلما زمانا ابن سيار يلم أخي الخنا * وداهية دهياء تجتلب الدما أصاب بلا دخل إماما مهذبا * بريا من الفحشاء ليثا مصمما قال: فما هو أن قتل يحيى بن زيد رحمة الله عليهما حتى وقع الاختلاف بالشام بين الوليد بن يزيد بن عبد الملك وبين يزيد بن الوليد بن عبد الملك، فقتل الوليد وبتر الله عمره.
ذكر سبب الاختلاف وسبب إمارته قال: وكان سبب إمارته أن أباه يزيد بن عبد الملك استخلفه بعد هشام بن عبد الملك، فلما انقضى أمر هشام صار الامر إليه، وكان هشام ولاه الحج سنة ست عشرة (1) ومائة فحمل معه كلابا في صناديق وحمل معه قبة حمراء، وأراد أن ينصبها على الكعبة، فخوفه أصحابه وقالوا: لا نأمن الناس عليك ولا علينا معك! فلم يحركها، وظهر للناس منه تهاون في الدين واستخفاف حتى اتهموه بالزندقة حتى بلغ ذلك هشاما، فطمع في خلعه والبيعة لابنه مسلمة بن هشام. ثم أتاه وقال: أجعلها لك من بعده (2).
وتمادى الوليد في شرب الخمر وطلب اللذات فأفرط، حتى قيل إنه فتح المصحف في وقت، فخرج عليه (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم