ذكر أخبار سديف بن ميمون مولى السجاد علي ابن الحسين بن أبي طالب رضي الله عنهم وأشعاره الملاح بين يدي أمير المؤمنين قال أبو الحسن علي بن محمد المدائني: ولما أكثر عبد الله بن علي من قتل بني أمية بالشام، وأكثر داود بن علي من قتلهم بالحجاز، هرب من كان بالشام من بني أمية والحجاز حتى صاروا إلى العراق، حتى اجتمعوا ووفدوا على أبي العباس وفيهم سليمان بن هشام بن عبد الملك وولدان له، فلما دخلوا على أبي العباس وقفوا بين يديه فسلموا عليه، ثم مشوا إليه بالرحم والقرابة، وأعلموه طاعتهم له، وأنهم من أمم كان آباؤهم فعلوه من قبل. قال: فقبل أبو العباس منهم وقربهم وأدناهم، وكانوا يدخلون عليه ويسلمون ويخرجون. قال: فبلغ ذلك سديف بن ميمون وهو يومئذ بالشام عند عبد الله بن علي، فقال لعبد الله بن علي: أنا بريء من أولاد السجاد علي بن الحسين إن لم أهيج عليه أضغانه وأبعث عليهم أحقاده في أبيات من الشعر أدخل عليه بها.
قال: ثم أقبل سديف من الشام حتى وصل إلى العراق ووقف بباب أبي العباس ثم استأذنه، فدخل أبو غسان الحاجب فقال: يا أمير المؤمنين! إن رجلا أناخ راحلته بالباب وقال: استأذن لي على أمير المؤمنين، فقلت: يا هذا! انزع ودع متاع سفرك وأودع راحلتك ثم عد إلي حتى استأذن لك، فقال: والله لا سفرت عيني إلا بين يدي أمير المؤمنين. فقال أبو العباس: فهل سألت عن اسمه؟ فقال: قد سألت عن ذلك، فزعم أنه سديف بن ميمون، فتبسم أمير المؤمنين وقال: ائذن له حتى يدخل: فخرج الحاجب فأذن له، فدخل وإذا به رجل طويل وهو متكئ على محجن في يده، فلما نظر إلى وجه أبي العباس سفر عن وجهه وسلم، فرد عليه أبو العباس السلام، فسأله الدنو فأذن له، فدنا إلى فصل أبي العباس، ثم رجع