الخمر واللهو واللغو فيها بالشعر؟ فقال: يا أمير المؤمنين! ما شربت منها محرما ولا فارقت منها دينا منذ نهيتني عنها، وأنا القائل في ذلك (1):
أيها الرائحان باللوم لوما * لا أذوق المدام إلا شميما نالني بالملام فيها إمام * لا أرى في خلافه مستقيما قال: فتبسم الأمين وأحسن جائزته وانصرف.
ذكر خبر الشعراء الثلاثة وهو أبو نواس والرقاشي ومصعب (2) مع محمد الأمين (3) قال: خرج محمد ابن زبيدة الأمين ذات ليلة يطوف في قصره إذ نظر بعض الجواري التي (4) له تطوف في القصر وهي سكرى، وقد سقط الرداء عن منكبيها وانكشف صدرها، فأعجب بها محمد الأمين ابن زبيدة فدعاها إلى نفسها، فقالت:
ذرني فإني طامث، وواعدته أن تزوره في غد، فانصرف محمد الأمين إلى فراشه ينقلب جنبا جنبا، فلما أصبح أرسل إليها فقالت: كلام الليل يمحوه النهار. فقال محمدا ابن زبيدة: انظروا من الباب من الشعراء! فقالوا: الرقاشي ومصعب (3) وأبو نواس، فقال: أدخل بهم علي! فلما دخلوا وأعطوه حق التسليم قال لهم: ليقل كل واحد منكم بيتين من الشعر على (كلام الليل يمحوه النهار). قال: فابتدأ الرقاشي ينشد ويقول:
متى تصحو وقلبك مستطار * وقد منع الرقاد (5) فلا قرار وقد تركتك صبا مستهاما (6) * فتاة لا تزور ولا تزار إذا ما زرتها وعدتك وعدا (7) كلام الليل يمحوه النهار