إليه الناس فصار في جمع كثيف، وجعل المأمون يوجه العساكر عسكرا بعد عسكر، فكان كلما أتاه عسكر واقعه فهزمه، فلما رأى المأمون ذلك خرج إليه بنفسه حتى نزل بقرية يقال لها العلث وهي بضع عشر فرسخا من بغداد، ثم إنه وجه القواد والشاكردية في طلب بلال الشاري. قال: وعلم بلال بذاك فتنحى بين يديك تلك العساكر حتى دخل إلى بعض البراري حتى خفي أمره، وطلب فلم يوجد. قال: ودخل شهر رمضان فرجع المأمون إلى بغداد في جميع عسكره. قال: وعلم بلال بذلك وأن المأمون رجع إلى بغداد فجعل يجمع الجموع حتى صار في جميع عظيم. قال:
وبلغ ذلك المأمون، فدعا بابنه العباس وابنه هارون وضم إليهما جيشا عظيما وأمرهما بالمسير إلى بلال الشاري، فأقبل العباس وهارون (1) ابنا المأمون حتى صارا إلى الموصل، ثم رحلا من مدينة الموصل إلى مدينة يقال لها بلد، فنزلاها وأعطيا الناس الارزاق. ثم إنهما رحلا من بلد إلى أن دخلا برية سنجار، والتقى القوم للقتال بقرية يقال لها تل أعفر، فاقتتلوا قتالا شديدا، فوقعت الهزيمة على أصحاب المأمون فانهزموا إلى أن صاروا إلى مدينة بلد. وبلغ ذلك المأمون فدعا بعجيف بن عنبسة وعلي بن هاشم (2)، فضم إليهما عشرة آلاف رجل، ووجه بهما مؤنة لابنيه العباس وهارون. قال: فاجتمعت العساكر ببلد، ثم ساروا نحو بلال الشاري. والتقى القوم في برية سنجار فاقتتلوا قتالا شديدا، ووقعت الهزيمة على الشاري. وقتل من عسكره نيف عن ثلاثة آلاف فارس، وانهزم الباقون مشردين في البلاد، واحتوى أصحاب المأمون على دوابهم وأسلحتهم. ثم حمل رأس بلال الشاري ورؤوس أصحابه إلى المأمون.
ذكر خروج المأمون إلى بلاد الروم قال: لما قتل بلال الشاري عزم المأمون على غزو بلاد الروم (3)، ثم إنه دعا بإسحاق بن إبراهيم بن مصعب فاستخلفه على بغداد وعزم على الغزو. وقال مسرور الكبير: فإني لواقف بين يدي المأمون في وقت خروجه إلى بلاد الروم، وفي يدي درع، يريد المأمون أن يلبسه إذ خرجت عليه جارية يقال لها عرنت (4) وكانت تهواه