جئت بشرا زائرا فوجدته والله سمحا * وقصدته متعمدا ليلا فما أصبحت صبحا حتى رأيت نواعما يدلجن بالبدرات دلجا * فلبست ثوبا للغنى وطويت للافلاس كشحا قال: ثم أرسل يزيد بن عبد الملك أيضا إلى سعيد بن عمرو الحرشي فعزله عن خراسان وولى مكانه مسلم بن سعيد بن أسلم (1) بن زرعة الكلابي. قال: فسار مسلم بن سعيد هذا حتى نزل مدينة مرو فأقام بها متمسكا بما في يديه لا يغزو أحدا.
قال: وسار ثبيت (2) النهراني في خلق كثير من أهل الشام وأهل الجزيرة حتى دخل بلاد أرمينية. قال: وسمعت به الخزر فاجتمعوا عليه في نيف على ثلاثين ألفا في موضع يقال له مرج الحجارة. قال: فدنا منهم المسلمون. فاقتتلوا هنالك، فقتل من المسلمين بشر كثير، واحتوت الخزر على عسكر المسلمين فغنموا جميع ما فيه، وأقبل المسلمون مغلولين حتى صاروا إلى الشام إلى يزيد بن عبد الملك وأميرهم النهراني معهم، فاغتم يزيد بن عبد الملك لذلك غما شديدا، ثم دعا النهراني فوبخه على صنيعه وهزيمته من بين أيدي الخزر، فقال النهراني: والله يا أمير المؤمنين ما جبنت ولا نكبت عن لقاء أعداء الله وقد لصقت الخيل بالخيل والرجل بالرجل، ولقد طاعنت حتى انقصف رمحي وضاربت حتى انكسر سيفي، غير أن الله عز وجل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
ذكر دخول الجراح بن عبد الله الحكمي بلاد أرمينية وما كان منه في الخزر قال: ثم دعا يزيد بن عبد الملك بالجراح بن عبد الله الحكمي فعقد له عقدا وضم إليه جيشا كثيرا وأمره بالمسير إلى بلاد أرمينية. قال: فسار الجراح بن عبد الله في جيش عرمرم حتى دخل إلى بلاد أرمينية، وتسامعت به الخزر فهربوا من بين يديه حتى صاروا إلى مدينة الباب والأبواب. قال: وسار الجراح بالمسلمين إلى أن صار إلى برذعة فنزل بها أياما حتى استراح أصحابه وأراحوا دوابهم، ثم رحل من هنالك حتى عبر نهر الكر (3) وسار يريد الباب والأبواب، فلم يزل كذلك حتى صار إلى نهر