حتى التأم إليه خلق كثير من أهل الذعارة والفساد. قال: وبلغ ذلك هشام بن عبد الملك فدعا برجل يقال له عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي (1)، فولاه بلاد خراسان، فلم يكن له طاقة بالحارث بن سريج، فعزله هشام وولى مكانه أسد بن عبد الله القسري (2). قال: قدم أسد بن عبد الله بلاد خراسان، وهذه قدمته الثانية فنزل مدينة مرو وجعل يوجه الجيوش لمحاربة الحارث بن سريج. قال: ونظر الحارث بن سريج إلى كثرة الخيل قد وافته من كل ناحية فجمع إليه أصحابه، ثم سار حتى دخل بلاد الترك فصار إلى خاقان مستأمنا إليه. قال: فأنزله خاقان مدينة من مدائن الترك يقال لها فاراب (3) فجعلها طعمة له ولأصحابه. قال: وسار أسد بن عبد الله القسري من مدينة مرو في جيش لجب يريد حرب ابن سريج، حتى إذا صار إلى مدينة بلخ أدركته الوفاة فتوفي بها (4)، وتولى أخوه خالد بالعراق. قال: فأرسل هشام إلى يزيد بن خالد فولاه العراق جميعا مكان أبيه، وأرسل إلى نصر بن سيار فولاه بلاد خراسان بأجمعها من دون النهر إلى ورائه إلى أرض الشاش وفرغانة وما يليها. قال: فكان نصر بن سيار عاملا على خراسان يغزو أطرافها، فكلما فتح بلدا تألف به أهله، ويخفف عنهم الخراج حتى أحبه الناس ومالوا إليه. وجعل يزيد بن خالد بن عبد الله القسري يجور على أهل العراق فيأخذ أموالهم ويقتل رجالهم، حتى بلغ منهم كل مبلغ. قال: وشكاه الناس إلى هشام بن عبد الملك ورفعت فيه القصص وكتبت فيه الكتب. قال: فدعا هشام بن عبد الملك بيوسف بن عمر (5) الثقفي فولاه العراقين جميعا البصرة والكوفة وما والاهما، وأمره أن يأخذ يزيد بن خالد فيعذبه بكل عذاب يقدر عليه، ويستخرج ما عنده من الأموال التي جباها من أهل العراق.
ذكر ولاية يوسف بن عمر الثقفي العراق وابتداء أمر زيد بن علي بن الحسين ومقتله قال: فتقدم يوسف بن عمر الثقفي العراق، فأقبل حتى نزل الحيرة ووجه