قال: وكان يقال إنه يقف ويتروح ويقول:
ما لبست الدرع مذ كنت حذارا من حمامي * لا ولا أنا بالذي كنت فرارا من مقامي قال: ثم وقعت الهزيمة على طاهر بن الحسين وأصحابه، وانهزموا من باب مدينة كيسوم إلى باب مدينة الرقة زهاء عن أربعين ميلا، ويقال أربعين فرسخا.
قال: فلم يزل نصر بن شبث يضاربهم بالسيف إلى أن مات طاهر بن الحسين.
قال: ووجه المأمون إلى نصر بن شبث بعبد الله بن طاهر (1) في ثلاثين ألف، فلما علم نصر بن شبث بكثرة هذه الجيوش فكأنه اتقى على نفسه وبني عمه وأن تذهب نعمته وتخرب مدينته، فأرسل إلى عبد الله بن طاهر يسأله الأمان فأعطاه ذلك (2)، فدخل نصر بن شبث في أمانه فأحسن إليه عبد الله بن طاهر وولاه وخلع عليه ووصله ووفى له، وانصرف إلى العراق عنه.
وروي أنه طلب الأمان على أنه لا يطأ بساط المأمون أمير المؤمنين، فقال له (3) محمد بن جعفر (3): لم لا تطأ بساط المأمون؟ فقال: لجرمي، فقال المأمون: والله ما تركته على ذلك أو يطأ بساطي! أتراه أعظم جرما من (4) الفضل بن الربيع (4) فإنه أخذ قوادي وأموالي وجندي وسلاحي وجميع ما أوصى به أبي لي فذهب به إلى محمد وتركني بمرو فريدا وحيدا وأفسد علي أخي حتى كان من أمره ما كان. فكتب المأمون لنصر بن شبث كتابا فيه الأمان (5).
ذكر خروج طاهر بن الحسين على المأمون ووفاته قال: وكان طاهر بن الحسين عند المأمون فحضر في بعض أيامه فجلس الشرب، فأمره بالجلوس فقال: يا أمير المؤمنين! ليس لصاحب الشرطة أن يجلس بين يدي سيده، فقال له المأمون: ذلك في مجلس العامة وأنا في مجلس الخاصة،