المنصور: أما بعد فإن بلاد إرمينية لا تستقيم ولا تصلح إلا بمصاهرة الخزر، والرأي عندي أن تصاهر القوم حتى تستقيم البلاد، وإلا فإني خائف عليك وعلى جميع عمالك من الخزر، فإنهم إذا أرادوا واجتمعوا غلبوا، فانظر ولا تخالف أمري واجتهد في مصاهرة الخزر - والسلام -.
ذكر تزويج يزيد بن أسيد بن زافر السلمي إلى ملك الخزر قال: فلما ورد كتاب المنصور على يزيد أرسل إلى خاقان ملك الخزر واسمه تعاطر (1) فخطب إليه ابنته وكان يقال لها خاتون، فأجابه ملك الخزر إلى ذلك، فتزوجها يزيد بن أسيد على مائة ألف درهم، وزفت خاتون من بلاد الخزر إلى بلاد الاسلام ومعها عشرة آلاف من أهل بيت من الخزر، ومعها أربعة آلاف رمكة بفحولها، وألف بغل وبغلة، وألف إنسان، وعشرة آلاف جمل خزري من الجمال الصغار، وألف جمل تركي كل جمل منها بسنامين، وعشرون (2) ألف شاة، وعشر عجلات على مثل القباب، لها أبواب مضروبة بصفائح الذهب والفضة، مفروشة بالسمور، ومجللة بالديباج، وعشرون (3) عجلة فيها أمتعة وآنية من الذهب والفضة وغير ذلك.
قال: فلما وردت بنت ملك الخزر إلى بلاد الاسلام ومعها هذا الخير الكثير أنزلت بموضع يقال له القباب على باب البرذعة، قال: فأنزلت هنالك ثم أرسلت إلى يزيد أن ابعث لي نساء من نساء المسلمين حتى يعلمنني الاسلام ويقرئنني القرآن، فإذا تعلمت ذلك فشأنك بي. فأرسل إليها يزيد بعدة نساء من برذعة، فعلمنها الاسلام وأقرأنها القرآن. قال: ولم يبق قائد من قواد يزيد بن أسيد إلا وهدى لها من الهدايا على قدر طاقته، حتى إذا تعلمت خاتون القرآن وعرفت الاسلام ألقت عنها السيف والخنجر، فعلم يزيد بن أسيد أنها أذنت له في الدخول، فأقبل عليها بإذنها وإذا قد اختضبت وتزينت. قال: فبنى بها يزيد بن أسيد، وأقامت عنده سنتين وأربعة أشهر، وولدت منه ولدين ثم ماتت (4) بعد ذلك ومات ولداها جميعا ببرذعة، فاغتم عليها يزيد غما شديدا.