عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته! فقال له الحرشي: أيها [الرجل] أين أنت؟
فإني قد أمرت لك بجائزة فخذها فإنك رجل ناصح دال على الخبر والاجر والثواب، فقال له: أيها الأمير! تكون هذه الجائزة عندك فإنها (1) أحرز لها، ولكن هل لك أيها الأمير في الغنيمة الباردة؟ فقال الحرشي: وكيف لنا بذلك؟ فقال: هذا جيش الخزر قد أقبل ومعهم أموال المسلمين وحرم الجراح بن عبد الله وأولاده، وهم يريدون إلى بلادهم غير أنهم نزلوا على نهر الميمذ (2) من ههنا على فراسخ يسيرة للخيل، فإن أردتهم أيها الأمير فهذا وقتهم. قال: ثم مضى الرجل ونادى الحرشي في أصحابه، وسار بهم نحو نهر الميمذ، فلما أشرف على النهر إذا هو بجيش الخزر في عشرين ألفا أو يزيدون ومعهم الأسارى من المسلمين والمسلمات، قال: فكبر الحرشي وكبر المسلمون معه، ثم حملوا على جميع الخزر ووضعوا فيهم السيف، فلما أفلت منهم إلا الشريد، واحتوى الحرشي على الغنائم، واستنقذ الأسارى، وإذا فيهم جواري الجراح وأولاده وحرمه وجميع أمواله، فجعل الحرشي يضم أولاد الجراح إلى صدره ويبكي ويقول: يا بني أخي! ليتني كنت مع أبيكم فنحيى جميعا أو نموت جميعا! قال: ثم سار الحرشي بالمسلمين والمسلمات والغنائم يريد إلى باجروان، فأنشأ رجل من بني عبس يقول أبياتا مطلعها:
أنا العبسي أذكر مجد قومي * يحوزون النهاب ويحكمونا إلى آخرها.
قال: ودخل الحرشي إلى باجروان بغنائم الخزر.
قال: وبلغ ذلك نارستيك بن خاقان ملك الخزر فهم أن يقتل نفسه من شدة الغم، ثم أقبل على طراخنته ووجوه أصحابه فقال: ويلكم يا معشر الخزر! أنتم تعلمون أني قفلت الجراح وهو ملك من البلاد، ثم استبحت عسكره وأسرت من أسرت، وسبيت من سبيت، ثم جاءكم رجل على بغل في قلة وذلة ففعل بي وبكم ما فعل وأخذ غنيمتي فقتل أصحابي، أفليس الموت خيرا لي من ذلك؟ قال:
فضجت الخزر من كل ناحية وقالوا: أيها الأمير! لا عليك فإنها نأتيك به أسيرا فاصنع به ما أحببت. قال: فعندها جعل نارستيك بن خاقان يجمع أطرافه ويضم إليه أصحابه من جميع بلاد أذربيجان، حتى اجتمع له خلق كثير، وبلغ ذلك سعيد بن