اشرب (1) بكأس كنت تسقي بها (2) * أمر في الحلق من العلقم زعمت أن الدين لا ينقضي * فاستوف بالكيل (3) أبا مجرم قال: فلم تزل السيوف تأخذه حتى برد، فأنشأ بعضهم يقول أبياتا مطلعها:
أبا مجرم اشرب بكأس سقيته * بكف امرئ ما هم أن يتكلما إلى آخرها.
قال: وكان أبو دلامة الشاعر قد خدمه قبل ذلك فلم يعطه شيئا وهدده بالقتل، فلما كان ذلك اليوم وبلغه قتله أنشأ يقول أبياتا مطلعها:
أبا مجرم عبدا لعيسى بن معقل * أخا دلف لا قول من يتكذب إلى آخرها.
قال: وضج أصحاب أبي مسلم وهم بالباب فاستعظموا قتله، فخرج إليهم أبو الخصيب الحاجب فقال: اسكتوا! فإن أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام وقد أمر لكم بأرزاق سنية وضمكم إلى من أحببتم من أهل خراسان، وبعد فإن أبا مسلم إنما كان عبدا من بعض عبيد أمير المؤمنين، فتعدى طوره وجاوز حده في صنائع أمير المؤمنين، مثله كثير. قال: فسكت الناس ووضعت لهم الارزاق، ثم بعث برأس أبي مسلم إلى خراسان، وكتب المنصور إلى أبي داود (4) وهو يومئذ خليفة أبي مسلم على خراسان فولاه البلاد وبعث إليه بالخلع، واستقر أهل خراسان ونسوا أبا مسلم (5) كأنه لم يكن، واستقام الامر للمنصور بعد قتل أبي مسلم، لأنه لم يبق أحد غيره.
ذكر فتح أبي جعفر (6) المنصور إرمينية وأذربيجان قال: ثم دعا المنصور يزيد بن أسيد بن زافر السلمي فعقد له وولاه بلاد إرمينية، ودعا بيزيد بن حاتم فولاه بلاد أذربيجان. قال: فسار يزيد بن أسيد من العراق إلى إرمينية، فنزل مدينة يقال لها برذعة ثم فرق عماله في البلاد، وكتب إليه