قتل منهم خلق كثير.
قال: وافتقد أهل خراسان قحطبة فلم يروا له خبرا، فبينما هم كذلك إذ نظروا إلى فرسه على شاطئ الفرات وجميع ما عليه مبلول، فعلموا أنه قد غرق في جوف الليل (1). قال: فأقبل الناس على الحسن بن قحطبة فبايعوه. قال: فجمع الحسن الناس وسار بهم إلى الكوفة. قال: وبلغ ذلك إلى يزيد بن [عمر بن] (2) هبيرة فتنحى عن سواد الكوفة راجعا إلى وسط العراق فنزل بها أيضا، وفي الكوفة رجل من قبله يقال له عبد الرحمن بن بشير العجلي، فخرج عن الكوفة إلى أن لحق بصاحبه.
وسار ابن قحطبة حتى دخل الكوفة في نيف وثلاثين ألفا من أهل خراسان ومن اتبعه من أهل العراق وأقبل إليه أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال وكان يعرف بالوزير وزير آل محمد صلى الله عليه وسلم، فلما رآه الحسن بن قحطبة قام إليه وقبل يده وتنحى عن مجلسه حتى أجلسه، ثم قال: أيها الوزير إن الأمير أبا مسلم قد أمرنا بطاعتك فما تأمرنا؟
قال: فوثب أبو سلمة من وقته وركب معه الحسن بن قحطبة، ونودي في الناس فاجتمعوا إلى المسجد الأعظم ولم يبق هاشمي ولا غير ذلك من أشراف أهل الكوفة إلا وقد اجتمعوا وهم لا يدرون لأي شيء يجتمعون.
ذكر البيعة وعقد الخلافة لولد العباس ابن عبد المطلب السفاح قال: وبالكوفة يومئذ جماعة من العلوية، قوم يظنون أن البيعة تكون لولد أبي طالب، وقوم يظنون أن البيعة تكون لولد العباس. قال: فاجتمع الناس وتكاملوا في المسجد، وأقبل أبو سلمة حفص بن سليمان حتى صعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وخطب الناس، ثم قال: أيها الناس! انظروا غذا ولا يبقى أحد ممن يلبس السلاح ويركب الخيل إلا ويلبس السواد ويوافي هذا المسجد حتى تعتقد البيعة لأهلها - والسلام -. قال: فعندها أيس الناس من آل أبي طالب من البيعة، وانصرف الناس إلى منازلهم فجعلوا يصبغون الأقبية والعمائم والاعلام، فما أقبل الصباح إلا وأهل الكوفة كلهم لابسون السواد، ثم صاروا إلى المسجد الأعظم،