[خلافة أبي جعفر المنصور] الحسن بن الحباب المقرئ البغدادي قال: حدثني داود بن رشيد قال حدثني طعمون (1) الخادم: قال: حدثني سلامة بن المنصور قالت أمه: رأيت وأنا حاملة به كأن قد خرج من فرجي أسد فأبقى على الأرض وضرب بيديه وزأر، فأقبلت السباع إليه من كل ناحية، فكلما أتاه سبع يسجد له، حتى سجدت له سائر السباع عن آخرها.
قال أحمد بن يحيى: حدثني زيد مولى المنصور قال: لما أفضت الخلافة إلى المنصور أقبل إليه سديف بن ميمون فدخل عليه فاستأذن لأذن له بالنشد، فقال أبياتا مطلعها:
هذا القائم العدل الذي كنا نرجيه * لذي الاسلام والدين وأوتاد مراثيه إلى آخرها.
قال: فأمر له المنصور بجائزة سنية وكساه أثوابا من وشي آل مروان.
فلما ولى من بين يديه ناداه: يا بن السوداء! قال: فرجع إليه سديف وهو خائف مرعوب، فوقف بين يديه فقال: كأني بك يا سديف وقد قدمت المدينة تقبل رجل عبد الله بن الحسن (2) وتقول: يا بن رسول الله! تأخذ منهم ما يقوم بأودنا، والله لئن بلغني عنك ذلك لأقتلنك أشر قتلة! فقال سديف: العبد عبدك يا أمير المؤمنين! وهل يخون عبد سيده! قال: ثم انصرف سديف إلى المدينة ففعل بعبد الله بن الحسن (2) وبابنيه ما كان المنصور قد قاله، فحقد عليه ولم يبد ذلك لاحد. قال: فقدم سديف إلى العراق بعد ذلك وبلغ ذلك المنصور، فأمر بحبسه، فلما ضاق به الحبس كتب إلى المنصور بهذه الأبيات:
بني العباس فيم سجنتموني * وكنت على مودتكم حريصا أتصبح من أمانكم الأعادي * وأصبح من مودتكم خميصا