الخزر وأصناف الكفار حتى نزل مجمع النهرين: نهر الكر ونهر الرس. ثم سار من هنالك إلى ورثان فأخذها وقتل عامة أهلها، ثم خرج منها يريد الجراح بن عبد الله وأصحاب الجراح يومئذ متفرقون في بلاد أذربيجان.
قال: فجعلت الخزر تقتل كل من قدر عليه من المسلمين ويغيرون ويحرقون وينهبون، وبلغ ذلك الجراح بن عبد الله فكتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بذلك ويسأله المدد، قال فتباطأ هشام عن نصرة الجراح وأقبلت الخزر حتى نزلوا قريبا من أرض أردبيل (1).
ذكر محاربة الجراح بن عبد الله مع الخزر ومقتله رحمة الله عليه قال: وخرج الجراح بن عبد الله حتى صار إلى مرج جبل يقال له السبلان (2) فضرب عسكره هنالك، ثم رحل حتى صار إلى نهر على قارعة الطريق فعقد له جسرا - قال: وذلك الجسر إلى يومنا هذا لا يعرف إلا بجسر الجراح. قال: وكان مع الجراح يومئذ دهقان أذربيجان واسمه مردان شاه وكان مجوسيا، فأقبل على الجراح فقال: أيها الأمير! إنك في قلة من الجيوش، والعدو في جيش كثير وجند كبير، وليس ينبغي للقليل من الجيش أن يصحر للجيش الكثير في الأرض المستوية، ولكن هذا جبل سبلان (3) قريب منك، فمل إليه وانزل في سفحه واجعله وراء ظهرك وقاتل العدو من وجه واحد إلى أن يأتيك المدد من عند أمير المؤمنين. قال فقال له الجراح: يا مردان شاه! أظنك جبانا، فقال، لا ما جبنت قط، ولكن قد أشرت عليك بالصواب، فقال الجراح: ما كان نساؤكم باللاتي يتحدثن عني بأني جبنت عن قتال أعداء الله. قال: ثم سار الجراح من موضعه ذلك حتى نزل بقرية يقال لها شهرازاد، فحط الأثقال هنالك على تلك القرية. قال: وفي أصل ذلك التل عين ماء جارية، فلما استقر به الموضع إذا الخزر قد أقبلت في السيل والليل، وعبأ الجراح أصحابه ودنا القوم بعضهم من بعض. فقال مردان شاه الدهقان للجراح بن عبد الله:
أيها الأمير! ألستم تزعمون في دينكم أن الرجل إذا كان مخالفا لكم ثم إنه شهد