بحضرة أهل الموسم وبني هاشم وسائر قريش. فقال شيخ من بني هاشم: يا أمير المؤمنين! هذا ابنك محمد ولي عهدك من بعدك، وهذا أخوه عبد الله من بعده، فما بال ابنك القاسم؟ قال: فتبسم الرشيد ثم قال: يا شيخ! فهل سمعت فيه بشيء؟
فقال: أما بعينه فلا، ولكنني سمعت ابن أخي الزهري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا بن عباس! الثالث من ولد العباس من ولدك يملك الأرض، ويركب الحمار، ويلبس الصوف، ويعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويظهر العدل. قال: فسر الرشيد بذلك سرورا شديدا ثم لم يبرح حتى جعل [القاسم] (1) أيضا ولي العهد من بعد إخوته وسماه المؤتمن، فكان محمد الأمين وعبد الله المأمون والقاسم المؤتمن.
ثم كتب بذلك كتابا مؤكدا (2)، وأشهد أهل الموسم على ما كتب، وأفرد ابنه محمدا بالامر، وجعل عبد الله من بعده.
ثم انصرف إلى العراق فدعا بابنه المأمون وعقد له عقدا بيده وولاه من باب الري إلى أقصى خراسان وسجستان، وأفرده بها في حياته وبعد موته، وأخذ على ابنه العهود والمواثيق أنه لا يعزله عنها ولا يبعث إليه كتابا، وكتب أيضا له بالعراق كتابا مؤكدا وثيقا على محمد وعبد الله، وأمر المأمون له بالسمع والطاعة لأخيه الأمين، وأن يملك منهما صاحبه بما يحتاج إليه من خيل ورجل عند حاجته إليه، وضم إليه قواد معروفون هرثمة بن أعين والوليد بن المسيب وعبد الله بن مالك ويحيى بن معاذ وغيرهم من القواد، ثم إنه قسم بينهم الأموال والسلاح وأخذ عليهما العهود والمواثيق بالوفاء بما شرطا على أنفسهما (3). وفي تلك السنة قتل جعفر بن يحيى البرمكي، وقد أعيا قتله من حضر فكيف من غاب.
ذكر خبر الأصمعي في قتل جعفر ابن يحيى البرمكي قال العباس بن الفضل: سمعت الأصمعي يقول (4): بعث إلي الرشيد في ليلة