ذكر ابتداء أمر الشراة وخروجهم في ولاية مروان بن محمد بن مروان قال: وكان السبب في أمر الشراة أن رجلا من أهل البيلقان يقال له مسافر بن كثير القصاب كان يرى رأي الشراة، وكان الذي أوقفه على ذلك رجل يقال له الضحاك الحروري. قال: فخرج مسافر بن كثير هذا في جملة من يرى رأي الشراة حتى صار إلى مدينة أردبيل، وبها يومئذ قوم ممن يرى رأي الشراة، فلم يزل القوم مجتمعين حتى صاروا في جماعة من الشراة...
قال: وبلغ ذلك عاصم بن يزيد الهلالي وهو يومئذ بمدينة البيلقان، فأرسل إلى رجلين من أهل البيلقان ممن كانا يريان رأي الشراة أحدهما يقال له أبان بن ميمون والاخر قتيبة بن صدقة، فأخذهما جميعا فحبسهما جميعا في سجن البيلقان.
واتصل الخبر بمسافر بن كثير القصاب رئيس الشراة وهو يومئذ مقيم بمدينة ورثان (1)، فخرج في جوف الليل من ورثان في جماعة من أصحابه حتى أتوا البيلقان، فوضعوا السلاليم وصعدوا إلى السور. وكان أول من صعد منهم عصمة بن مسلم البيلقان، فأخذ صاحب الحرس فضرب عنقه على السور. ثم إنهم نزلوا إلى المدينة البيلقان وقد خرج عنها الأمير عاصم بن يزيد الهلالي إلى مدينة برذعة. قال: فأخذت الشراة خليفة له ثم جاؤوا إلى باب السجن، فأخرجوا قتيبة بن صدقة وأبان بن ميمون. ثم إنهم أظهروا أمر الشراة بمدينة بيلقان، فاجتمع إليه الناس من كل ناحية، حتى صاروا في عسكر لجب، فخرج بهم صاحبهم مسافر بن كثير القصاب من مدينة البيلقان حتى صاروا إلى يونان (2)، وبلغ ذلك الأمير عاصم بن يزيد الهلالي، فنادى في أصحابه ثم خرج، فضرب عسكره على نهر البربر (3) على باب مدينة برذعة.
قال: فإذا رجل قد أقبل من ناحية برذعة فأخذته الشراة وأقبلوا به إلى صاحبهم مسافر بن كثير، فقال له مسافر: من أين أقبلت؟ قال: من برذعة، قال: فهل لك علم من عاصم بن زيد؟ قال: نعم. هو نازل على شاطئ نهر البربر على غير الجادة بموضع كذا وكذا. قال له مسافر: فهل تعرف الطريق إلى عسكره بالليل؟