ذكر أبي مسلم الشاري وخروجه على الرشيد قال: وخرج أبو مسلم الشاري على الرشيد وكان خروجه من مدينة البيلقان.
فوجه إليه الرشيد برجل يقال له إسحاق بن مسلم العقيلي في خمسة آلاف فارس من أهل العراق، وبلغ ذلك أبا مسلم الشاري فزحف إلى إسحاق بن مسلم، حتى إذا وافاه بمدينة ورثان فالتقى القوم هنالك فاقتتلوا قتالا شديدا، فكانت الدائرة على إسحاق بن مسلم صاحب الرشيد فانهزم من بين يدي أبي مسلم الشاري هزيمة قبيحة. وبلغ ذلك الرشيد فبعث إليه برجل يقال له العباس بن جرير بن خالد القسري (1) فهزمه أبو مسلم الشاري أيضا، فوجه إليه الرشيد برجل يقال له معدان (2) الحمصي فقتله أبو مسلم الشاري، ثم سار من موضعه ذلك إلى مدينة من مدائن إرمينية يقال له القسوى (3)، فأخذها وجبى خراجها وفرقه على أصحابه، ثم سار منها إلى مدينة دبيل من بلاد إرمينية، فحاصرها أربعة أشهر فلم يقدر عليها، فأقبل راجعا إلى بلاد السجستان حتى صار إلى البيلقان فنزلها، ثم جعل يغير على البلاد ميمنة وميسرة فيقتل ويحرق وينهب.
قال: وبلغ ذلك الرشيد فوجه إليه ثلاث عساكر ثلاثين ألفا، منهم يحيى الحرشي (4) في عشرة آلاف ويزيد بن مزيد (5) الشيباني في عشرة آلاف. قال: فأقبل يحيى الحرشي (5) في عشرة آلاف على طريق الجزيرة. قال: فأقبلت هذه العساكر من كل جانب، فمات قبل أن توافيه العساكر.
قال: فلما مات أبو مسلم الشاري قام بعده السكن بن موسى بن حيان البيلقاني، فخرج من مدينة البيلقان يريد لقاء يحيى الحرشي (6) فلقيه ببلاد أذربيجان فقاتله هنالك، ثم انهزم السكن بن موسى وأخذ ابنه يقال له الخليل أسيرا، ومضى السكن بن موسى فيمن معه من الشراة يريد محاربة يزيد بن مزيد (7) الشيباني فاستأمن