فأجابه إلى ذلك، فقال عيسى بن علي لكاتبه عبد الله بن المقفع: أحب أن تكتب لأخي عبد الله أمانا مؤكدا حتى أوجه به إلى المنصور، قال: فكتب عبد الله كتابا لعبد الله بن علي لا يكون لاحد مثله واستقصى فيه غاية الاستقصاء، فلما ورد الكتاب بالأمان على أمير المؤمنين المنصور ونظر فيه شق ذلك عليه، لأنه كان مغتاظا على عبد الله بن علي وأراد قتله، فقال: من كتب هذا الأمان؟ فقيل له: كتبه عبد الله بن المقفع (1) كاتب عيسى بن علي، فقال أما لنا من يكفينا ابن المقفع ويريحنا منه؟
قال: وبلغ هذه الكلمة سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وهو يومئذ بالبصرة من قبل المنصور، فعزم على قتل ابن المقفع (2).
ذكر مقتل عبد الله بن المقفع قال المدائني: كان السبب في مقتل عبد الله بن المقفع أن سفيان بن معاوية المهلبي كان ربما حضر إلى الديوان بالبصرة فتقع المسألة بعد المسألة فيلقيها ابن المقفع على سفيان بن معاوية فإذا لم يفهمها يقول له ابن المقفع: وقعت والله يا مهلبي! قال: فغضب المهلبي ذات يوم فشتم ابن المقفع فقال له: كم توبخني؟
فقال له ابن المقفع: يا بن المغتلمة! أداعبك فتشتمني! والله ما رضيت أمك برجال العراق حتى تزوجت برجال الشام! قال: فسكت عنه المهلبي وحقد عليه، فلما قال المنصور: أما لنا من يكفينا أمر ابن المقفع! عزم المهلبي على قتله. ودعا عيسى بن علي بابن المقفع فأرسله إلى سفيان بن معاوية في حاجة له، فقال ابن المقفع: إني أخاف على نفسي لكلام جرى بيني وبينه، فقال عيسى بن علي:
إني أخاف على نفسك وأنا حي! فقام عبد الله بن المقفع وصار إلى سفيان، قال:
والله يا بن المقفع أنا ابن المغتلمة كما قلت إن لم أقتلك قتلة ما سبقني إليها أحد.
ثم قام ودخل المطبخ وقال: علي به! فأتي بابن المقفع، فقال المهلبي لغلمانه: