حيزان (1).
ثم سار مسلمة من هناك يريد مدينة الباب والأبواب، وكان لا يدخل بلدا إلا سالمه أهلها وخرج إليه ملكها بخيله ورجله. قال: فاجتمع إليه ملوك الجبال (2) بأجمعهم وأدوا إليه الخراج وساروا معه، حتى صار إلى مدينة الباب وفي قلعتها يومئذ ألف رجل من طراخنة الخزر وكان رتبهم ملك الخزر هنالك فلم يعرض لهم مسلمة إلا بسبيل الخير لكنه تركهم وجاز من مدينة الباب حتى صار إلى الحصنين اللذين هنالك فلم ير فيهما أحدا، ثم سار إلى البلنجر فلم ير فيه أحد.
وبلغ خاقان ملك الخزر بأن مسلمة بن عبد الملك قد دخل إلى بلاده، فجعل يجمع الجموع من أرض الخزر حتى صار في جمع عظيم. قال: وسار مسلمة في جيشه ذلك حتى صار إلى الوبندر ثم إلى سمندر فلم ير هنالك أحدا، فجاز يريد إلى خاقان ملك الخزر. قال: وإذا الأمم قد سارت إلى مسلمة مع جميع أصناف الكفار فيما لا يطيقهم مسلمة ولا جيشه ولا يحصي عددهم إلا الذي خلقهم. قال: فلما علم بذلك مسلمة أمر أصحابه أن يوقدوا النيران، ففعلوا ذلك. فلما كان الليل تركوا خيامهم مضروبة في موضعها وارتحلوا بعد عشاء الآخرة، وجعل مسلمة يطوي المراحل طيا فجعل كل مرحلتين مرحلة، غير أنه قدم الضعفاء بين يديه والأقوياء أهل الجلد والشجاعة على الساقة، فلم يزل كذلك حتى صار إلى مدينة الباب (3).
ثم أقبل حتى نزل ما بين الرمل إلى باب واق (4) وما يليه، ثم إنه خندق على نفسه خندقا فحصن نفسه وعسكره بالخندق والحسك. قال: وأقبلت الخزر في جمع لم ير مثله. فلما نظر مسلمة إلى ذلك جمع أصحابه من ملوك الجبال الذين كانوا معه فقال لهم: ما الرأي في هذا العدو؟ فقالوا: أيها الأمير! أمدنا بقناديل النشاب وقدمنا أمام عسكرك وذرنا وإياهم، فإن قتلنا فإلى الله والجنة، وإن فتحنا فتحا فذلك الذي نريد. فقال مسلمة: أما إنكم قد نصحتم في المشورة فجزيتم عن الاسلام خيرا. قال: ثم وثب مسلمة فعبى أصحابه ميمنة وميسرة وقلبا وجناحا، وقدم ملوك