الفرض تعمد الوقوع، (فيسقط نصف ديته) بإزاء فعله (ويضمن الثاني النصف) بإزاء فعله (والثاني مات بجذبه الثالث عليه وجذب الأول) إياه (فيضمن الأول نصف ديته) (و) يسقط النصف الآخر بإزاء فعل نفسه، إذ (لا ضمان على الثالث) الذي جذبه هو (وللثالث الدية) تامة لعدم هلاكه إلا بفعل غيره، ولكن هل هي على الثاني، كما في كشف اللثام وعن المفيد والقاضي والفخر والكركي، أو على الأول والثاني كل منهما نصف، كما عن ابن إدريس لأنهما جذباه، بل قال: " هو الذي تطابق ما رواه أصحابنا " - يعني خبر الزبية المتقدم - ومبناهما على أنه إذا قوى السبب بأن يكون ملجأ إلى المباشرة فهل يشترك مع المباشرة في الضمان أو الرجحان للمباشرة القوية، (فإن رجحنا المباشرة) كما هو الأقوى (فديته على الثاني) لأنه المباشر للجذب (وإن شركنا بين القابض) وللجاذب الملجئ له إلى الجذب (والجاذب) المباشر (فالدية على الأول والثاني نصفين).
وهو المراد مما سمعته من تعليل ابن إدريس، فإن قوة القابض على الجاذب وإلجائه إليه ينزله منزلة المباشر. لكنه كما ترى، ضرورة عدم الالجاء في شئ من ذلك على وجه يكون من توليد فعل الأول فهو حينئذ مستقل في جذبه غير مضطر إليه فيختص بالدية.
نعم لو فرض إلجائه إلى ذلك على وجه يسند الفعل إلى الأول اتجه عدم غرامته حينئذ شيئا.
وبذلك اتضح لك عدم اشتراك السبب مع المباشرة في الضمان بحال، بل الضمان بها خاصة إلا مع قوة السبب فيختص حينئذ بالضمان لا أنه يشترك معها كما لو اجتمع المباشران أو السببان.
(ولو جذب الثالث رابعا فمات بعض على بعض فللأول ثلثا الدية لأنه مات بجذبه الثاني عليه) وهو فعله (وبجذب الثاني الثالث عليه وبجذب الثالث