ومنه يستفاد الضمان مع التفريط الذي قد عرفت إجماع المتأخرين عليه، بل قد يستفاد منه أيضا الحكم بالضمان بجناية الدابة ما لم يثبت المالك عدم التفريط، ولعله لذا أطلق في الخبر المتضمن قضاء علي عليه السلام بل ومن أفتى بمضمونه، وإن كان الذي يظهر من المصنف وغيره اعتبار ثبوت التفريط في الضمان وإلا فلا ضمان، للأصل وإطلاق " جبار القحماء " وغير ذلك، والمسألة غير محررة وإن كان الأخير لا يخلو من قوة لعدم جابر للحجية للخبرين بالنسبة إلى ذلك كما أنه قد يشهد للأول إطلاق النص (1) في ضمان البختي المغتلم من دون اعتبار للعلم بتفريطه، ولكن ظاهر الفتاوى خلافه. والله العالم.
المسألة (الثانية عشر:) (من دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوا إن دخل بإذنهم وإلا فلا ضمان) بلا خلاف أجده بل قيل قد يظهر من المبسوط الاجماع عليه، لكونه كمن وقع في البئر مع الإذن في الدخول، بخلاف ما إذا لم يأذن فإنه متعد كما لو وقع في البئر، ولخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم فقال: لا ضمان عليهم فإن دخل بإذنهم ضمنوا " (2).
وخبر زيد بن علي عن آبائه، عن علي عليه السلام " إنه كان يضمن صاحب الكلب إذا عقر نهارا ولا يضمنه إذا عقر بالليل وإذا دخلت دار قوم بإذنهم فعقرك كلبهم فهم ضامنون وإذا دخلت بغير إذنهم فلا ضمان عليهم ". (3) ولعل التفصيل الأول فيما إذا عقر خارج الدار وقد فرطوا في حفظه والثاني فيما إذا عقر داخلها، فلا منافاة.