ولا يجوز أن يبيع بعض الغانمين طعاما من غيره فإن خالف لم يكن ذلك بيعا، وإنما يكون انتقالا من يد إلى يد فما حصل في يد كل واحد منهما يكون أحق بالتصرف فيه، وعلى هذا لو باع أحدهما صاعين من طعام بصاع منه كان جايزا لأنه ليس ببيع في الحقيقة فإن اقترض واحد من الغانمين من هذا الطعام رجلا من غير الغانمين أو باعه منه لم يصح وكان على القابض رده لأنه أخذ ملك غيره، وكذلك لو جاء رجل من غير الغانمين ابتداء وأخذ من طعام الغنيمة لم تقر يده عليه لأنه ليس في الأصل أخذه، وكذلك لو باعه من غير الغانم بطل البيع وكان عليه رده في المغنم إذا وجد في المغنم كتب نظر فيها فإن كانت مباحة يجوز إقرار اليد عليها مثل كتب الطب والشعر واللغة والمكاتبات فجميع ذلك غنيمة، وكذلك المصاحف وعلوم الشريعة كالفقه والحديث ونحوه لأن هذا مال يباع ويشترى كالثياب، وإن كانت كتبا لا تحل إمساكها كالكفر والزندقة وما أشبه ذلك كل ذلك لا يجوز بيعه، وينظر فيه فإن كان مما ينتفع بأوعيته إذا غسل كالجلود ونحوها فإنها غنيمة، وإن كان مما لا ينتفع بأوعيته كالكاغذ فإنه يمزق ولا يحرق لأنه ما من كاغذ إلا وله قيمة وكلم (1) التورية والإنجيل هكذا كالكاغذ فإنه يمزق لأنه كتاب مغير مبدل.
وما لم يكن عليه أثر ملك فهو لمن أخذه كالشجر والحجر والصيد ولا يكون غنيمة لأنه إنما يكون غنيمة ما كان ملكا للكفار، وإن كان عليه أثر ملك كالصيد المقموط والحجر المنحوت (والخشب المنجور) فكل ذلك غنيمة لأن عليه أثر ملك.
فإن وجد ما يمكن أن يكون للكفار والمسلمين كالوتد والخيمة والخرج ولم يعلم عرف سنة كاللقطة، وإن لم يظهر صاحبه ألحق بالغنيمة. فإن كان المغنم بهيمة وأرادوا ذبحها وأخذ جلودها لسيور الركاب والبغال لم يجز ذلك لأن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن ذبح الحيوان لغير مالكه فإن وجد لهم الجوارح كالبزاة والصقور والفهودة كل ذلك غنيمة لأنها تباع وتشترى وكذلك السنانير لأنها تملك.