كما أن الآية الكريمة (1) " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن " لا تقتضي ذلك أيضا وإن عطف فيه الكسوة على الرزق لمعتبر فيه الملكية على ما عرفت، لكن العطف إنما يقتضي المشاركة في الحكم المثبت للمعطوف عليه في العبارة لا الأحكام الخارجة الثابتة له بغيرها من الأدلة، نعم الحكم الثابت للمعطوف عليه وجوب ذلك، فالعطف يقتضي مشاركته له في ذلك، وهو أعم من الملكية والامتاع، وتعين الأول في الأول من خارج لا يستلزم تعين إرادته في الآية.
وأما النبوي (2) " لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " فمع ضعف سنده وعدم وجوده في كتبنا المعتبرة قد يمنع إرادة الملكية من اللام هنا، خصوصا على القول باشتراكها بين معان المقتضي توقف إرادة واحد بخصوصه منها على قرينة هي في المقام مفقودة، ومجرد ثبوت الملكية في الزرق غير ملازم لثبوتها في الكسوة إلا على تقدير قيام الدلالة على إرادتها بالنسبة إليه من اللام المذكور في الرواية، وهو محل مناقشة إذا ليس إلا الاجماع الذي حكاه جماعة، ولا يستفاد منه سوى ثبوت الملكية له في الجملة المجامع لثبوتها له غير الرواية، وأما هي فلا يستفاد منها سوى الاستحقاق الذي هو أعم من ذلك، نحو قوله تعالى (3): " ولهن مثل الذي عليهن " وكالمفهوم من قوله عليه السلام: (4) " إذا خرجت من بيتها بغير إذنه فلا نفقة لها " خصوصا بعد استفاضة التعبير في النصوص (5) بكون ذلك من حقوق الزوجة على الزوج، فلا ريب حينئذ في بقائها على ملكية الزوج إلا مع التصريح بانشاء التمليك لها، فيكون حينئذ خارجا عن محل النزاع الذي هو أن دفع الكسوة من حيث خطاب النفقة يقتضي الملك شرعا وإن لم يقصده الدافع في دفعه، ولا القابض في قبضه، اللهم إلا أن يقال:
إنه يجب على الزوج في إنفاقه أن يملك الزوجة الكسوة على وجه إن لم يملكها