انقضائه لا معنى لدعوى المالك استحقاقه، وكذا قبله، لأن العقد الجائز لا يستحق به العمل، وإنما المستحق المال الذي أصله للمالك، وحقيقة النزاع فيه، فيجئ فيه ما تقدم من الأصول.
قلت: أولا: قد يتصور النزاع قبل ظهور الربح فيما لو اتفق لزوم المضاربة ولو بالاشتراط في عقد لازم، وحينئذ يتجه دعوى المالك.
وثانيا: أنه لا ريب في أن كلا منهما مدع ومنكر إذا كان نزاعهما في تشخيص ما وقع عليه عقد المضاربة، ضرورة اقتضاء الأصل عدم كل من الشخصين نعم بعد تعارض الأصول في ذلك يرجع إلى أصل آخر، ولا ريب في كونه مع المالك، لأن الأصل عدم استحقاق العامل الزايد، نحو ما ذكروه في الاختلاف في الأجرة في عد الإجارة، والثمن في البيع مع عين تلف المبيع، وغير ذلك من المقامات التي حكموا فيها بأن القول قول المالك، بل ظهر لك حينئذ أولوية ذلك في حال ظهور الربح. وأما حال عدمه وفرض لزوم العقد، فإنه وإن كان قد يقال: إن المالك حينئذ مدع استحقاق العمل، لكن قد يدفع بأنهما قد اتفقا على استحقاقه، وإنما النزاع في الحصة كالأجرة ولا ريب في أن مدعي زيادتها هو المدعي، بعد قطع النظر عن النزاع في تشخيص العقد المتضمن لها والله العالم.
(ولو دفع قراضا في مرض الموت، وشرط ربحا صح، وملك العامل الحصة) وإن كانت أزيد من أجرة المثل، وقلنا بأن التبرعات من الثلث، لكن من المعلوم أن ذلك فيما إذا فات سببها على الوارث، بخلاف المقام الذي لا فوات، فإن الربح أمر معدوم متوقع الحصول، وليس مالا للمريض، بل هو على تقدير حصوله أمر جديد حصل بسعي العامل، وحدث على ملكه بعد العقد، فلم يكن للوارث فيه اعتراض، وبذلك افترق عن مثل نماء الدابة والشجرة.
(ولو قال العامل: ربحت كذا ورجع، لم يقبل رجوعه، وكذا لو ادعى الغلط) لسبق إقراره الماضي عليه، لقاعدة " اقرار العقلاء على أنفسهم جائز " وقاعدة " عدم سماع الانكار بعد الاقرار " السالمتين عن معارضة قاعدة " سماع الأمين في كل