ولأن الربح مع ظهوره مملوك، فلا بد له من مالك، ورب المال لا يملكه اتفاقا، ولا يثبت أحكام الملك في حقه، فيلزم أن يكون العامل، إذ لا مالك غيرهما اتفاقا.
ولأن العامل يملك المطالبة بالقسمة التي هي فرع الملك، إذ لا يكفي في استحقاقها مجرد العلقة، لأنها حينئذ ليست قسمة حقيقة، وإطلاقهم يقتضي أنها حقيقة.
لكن مع ذلك كله عن الفخر عن والده أن في المسألة أربعة أقوال، وإن كان لم يذكر القائل بها، أحدها: ما سمعت.
الثاني: الملك بالانضاض، لأنه قبله غير موجود خارجا، بل مقدر موهوم، والمملوك لا بد أن يكون محقق الوجود، نعم الظهور موجب لاستحقاق الملك بعد التحقق، ولهذا يورث عنه، ويضمن حصته من أتلف المال وإن كان المالك.
الثالث: الملك بالقسمة، لأنه لو ملك قبلها لكان النقصان الحادث بعد ذلك شايعا في المال، كسائر الأموال المشتركة، والتالي باطل، لانحصاره في الربح، ولأنه لو ملك لاختص بربحه، ولأن القراض معاملة جائزة، والعمل فيها غير مضبوط، فلا يستحق العوض فيها إلا بتمامه كمال الجعالة.
الرابع: أن القسمة كاشفة عن ملك العامل، لأن القسمة ليست من الأسباب المملكة، والمقتضي للملك إنما هو العمل، وهي داله على تمام العمل الموجب للملك لكن في المسالك " عن التذكرة أنه لم يذكر في المسألة عن سائر الفقهاء من العامة والخاصة سوى القولين الأولين، وجعل الثاني للشافعي في أحد قوليه، ولأحمد في إحدى الروايتين، ووافقنا في الباقي على الأول، فلا يدري لمن ينتسب إليه هذه الأقوال، وهي مع ذلك ضعيفة المأخذ، فإنا لا نسلم أن الربح قبل الانضاض غير موجود، لأن المال غير منحصر في النقد، فإذا ارتفعت قيمة العرض فراس المال منه ما قابل قيمة رأس المال، والزائد ربح متحقق الوجود، ولو سلم أنه غير متحقق الوجود لا يقدح في كونه ملكا، فإن الدين مملوك، وهو غير موجود في الخارج،