بين العلم بالنسب وحكم الشراء المذكور، والجهل بهما، أو بأحدهما لما عرفت من عدم دخول هذا التصرف في المضاربة حتى مع التصريح بالإذن، والتباس الأمر ظاهرا لا يقتضي الإذن، لكن احتمل بعضهم الفرق أو مال إليه، فحكم مع الجهل بصحة البيع، والانعتاق على المالك قهرا، ولا ضمان على العامل، لأن العقد المذكور إنما يقتضي شراء ما ذكر بحسب الظاهر، لا في نفس الأمر لاستحالة توجه الخطاب إلى الغافل، لاستلزامه التكليف بما لا يطاق، كما لو اشترى معيبا لم يعلم بعيبه فتلف بذلك العيب.
والفرق بين المعيب وما نحن فيه، بجواز شراء المعيب اختيارا دونه، لا يدخل فيما نحن فيه لأن الكلام في حالة لا ربح فيها بفرض اتيان العيب على النفس، والحال أنه أهل به، وافتراقه عنه في حالة أخرى لا دخل له في المطلوب، وبالجملة حكمهم بصحة العقد التي يظن فيها الربح وإن ظهرت على خلاف ذلك، بل على ضده يقتضي كون الحكم هنا كذلك.
ومن هنا استشكل في المقام ثاني الشهيدين بل قال: " ويقوى الاشكال في جاهل أحدهما خصوصا جاهل الحكم لأنه غير معذور، لقدرته على التحفظ، فإن العلم مقدور لنا، أما جاهل النسب فمعذور بما تقدم، كما أنه في جامع المقاصد مال إلى بطلان البيع في المقام، وفي غيره من شراء المعيب نحوه، قال: " فإن قيل: فلو كان شراء المعيب باعتبار العيب خاليا من الغبطة، وإنما ظنها العامل بظن السلامة و كذا كل موضع ظن الغبطة فظهر خلافها، قلت: لا أعلم الآن تصريحا في حكم ذلك، والمتجه عدم صحة البيع، فيأتي الأحكام السابقة ".
قلت: قد يفرق بين المقام والمعيب ونحوه بأن مبنى المضاربة على الاجتهاد بالنسبة إلى العيب وعدمه، والرغبة فيها وعدمها، ونحو ذلك مما يكون في مالية الشئ، فالخطأ والصواب فيه حينئذ كله من توابع المضاربة، ضرورة جريانها على المتعارف في أعمال التجار التي لا ريب في اتفاق ذلك؟ فيها.، بخلاف المقام الذي لم يكن حاضرا في الذهن، ولا هو من متعارف التجارة، فمع فرض عدم كون شرائه