قلت: لا يخفى عليك ما في ذلك كله، بناء على تحقق المضاربة في المركب من الفعلين إيجابا وقبولا، فضلا عن محل الفرض، وأقصاه أنه لا يكون عقد مضاربة، وإلا فهو مشروع يترتب عليه أحكام المضاربة، مع أنه يمكن القول بتحقق العقد أيضا بالقبول الفعلي، بناء على تعارف عقدها بذلك بين المشرعة، ومثله كاف في ذلك لكن لا ثمرة مهمة هنا بعد فرض المشروعية بين كون هذه الكيفية عقدا أو لا، لما سمعته من عدم الفرق بينهما في الجواز، وغيره من أحكامها.
نعم بناء على عدم مشروعية التعاطي فيها يتجه حينئذ البحث في القرض، ولعل المانع فيه مستظهر ما لم يثبت تعارف كيفية عقدها بذلك، لكن قد عرفت التحقيق إن لم يكن ثم اجماع بخلافه، ودونه خرط القتاد، وإن كان كثير من كلماتهم تفيد الناظر فيها تشويشا على نحو ما في بعض كتب العامة.
أما غير ذلك ما يعتبر في غيرها من العقود، كالتواصل والتنجيز فيبقى على مقتضى ما دل على اعتباره، الذي لا فرق فيه بين الجائز واللازم، ضرورة كونه من كيفيات العقد، والتوسع في العقود الجائزة بالنسبة إلى الاكتفاء في إيجابها مثلا بكل لفظ، لا يقتضي التوسع فيها بالنسبة إلى ذلك، وثبوته في الوكالة للدليل، لا يقتضي الثبوت في غيرها، بعد حرمة القياس، هذا كله في التواصل أما التنجيز فلا ريب في اعتباره، لاتحاد الطريق فيها وفي العقد اللازم كما حققناه في محله. والله العالم.
(و) كيف كان ف (هو جائز من الطرفين، لكل واحد منهما فسخه، سواء نض المال) بأن صار دراهم أو دنانير (أو كان به عروض) بلا خلاف فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، وهو الحجة في الخروج عن قاعدة اللزوم. لكن ذكر غير واحد أنه إن كان الفاسخ العامل ولم يظهر ربح فلا شئ له، وإن كان المالك ضمن للعامل أجرة المثل إلى ذلك الوقت، صونا للعمل المحترم من الخلو عن الأجر، مع احتمال العدم للأصل، وإقدام العامل عليه بمعرفته جواز العقد، وإمكان فسخه قبل ظهور الربح، بل وبعده مع تحقق الوضيعة المستغرقة له، لكونه وقاية لرأس المال.
قلت: قد يقال: إن قاعدة احترام عمل المسلم المأذون فيه التي قدمناها سابقا