بخلاف ما إذا لم يكن معينا، فإن الضمان حينئذ صحيح، لأنه في الحقيقة لمال في الذمة، وهو الثمن الكلي، وكذا لو كان معينا مثلا وكان المضمون عن المشتري أرشه الذي هو أيضا مال كلي في الذمة، وبذلك يظهر لك أن ضمان العهدة هو من ضمان العين أو من ضمان المال في الذمة وليس هو شئ مستقل لكن في المسالك " إن الفرق بين ضمان العهدة والمال نفسه يظهر في اللفظ والمعنى، أما اللفظ فالعبارة عن ضمان الثمن " ضمنت لك الثمن الذي في ذمة زيد " مثلا ونحوه، وضمان العهدة ضمنت لك عهدته أو دركه " أو نحو ذلك، وأما المعنى فظاهر، إذ ضمانه نفسه يفيد انتقاله إلى ذمة الضامن، وبراءة المضمون عنه منه، وضمان العهدة ليس كذلك، بل إنما يفيد ضمان دركه على بعض التقديرات، ولا يخفى عليك ما فيه بعد عدم دليل مخصوص على اعتبار اللفظ المزبور، بل ظاهر الأدلة، خلافه.
وعلى كل حال ضمانه يقتضي انتقال الثمن لو كان في ذمة المشتري إلى ذمة الضامن، إلا أنه لما كان في الظاهر فراغها بالدفع المزبور لم يحكم به، فإذا تبين فساد الدفع بكونه مستحقا للغير مثلا حكم بمصادفة الضمان المزبور لمحله، فيترتب عليه حكمه من الانتقال إلى ذمة الضامن، وفراغ ذمة المضمون عنه، وهذا معنى ضمان دركه، وإلا فلا دليل على مشروعيته مستقلا على وجه يكون غير الضمان بالمعنى المزبور كما هو واضح.
وبذلك كله يظهر لك ما في المتن والمسالك، ولعل عبارة الفاضل في القواعد السابقة أحسن من عبارة المتن، لاقتصارها على بيان صحة الضمان للمال الثابت في الذمة مستقرا أو متزلزلا، كالثمن في مدة الخيار، والمهر قبل الدخول.
ولا ريب في ظهور إرادة ضمانه عن المشتري للبايع، وهو الذي ذكره الشيخ في المحكي عن مبسوطه حيث نفى الخلاف فيه، وظاهره بين المسلمين عن صحة ضمان الثمن في البيع بعد تسليم المبيع، والمهر بعد الدخول، والأجرة بعد دخول المدة، وعن صحة ضمان الثمن قبل التسليم، والأجرة قبل انقضاء الإجارة، والمهر قبل الدخول، قال: فهذه الحقوق لازمة غير مستقرة، فيصح ضمانها أيضا بلا خلاف، وأما ضمان