الدين، فلو قال لشخص مثلا إني أستحق في ذمة شخص مأة درهم فقال له آخر: ضمنتها لك كان قاصدا إلى عقد الضمان، عن أي من كان عليه الدين، ولا دليل على اعتبار ما زاد عن ذلك.
وفيه: إنك قد عرفت بكون المراد الامتياز عند الضامن على وجه ألا يكون مبهما بحيث لا يصح معه القصد إلى الضمان، كما لو قال: ضمنت لك أحد دينيك مثلا، فلا يرد المثال الذي ذكره، لأنه لم الممتاز على وجه يصح للضامن قصده، وإن لم يكن معلوما له بعينه.
نعم لو أراد الضامن الضمان عمن هو متشخص عنده لم يكتف بذلك قطعا، وإلى ما ذكرنا يرجع ما عن التذكرة حيث قال: " وهل يشترط معرفة ما يميزه عن غيره، الأقرب العدم، بل لو قال: ضمنت لك الدين الذي لك على من كان من الناس جاز، نعم لا بد من معرفة المضمون عنه بوصف (يميزه؟) عند الضامن بما يمكن معه القصد إلى الضمان عنه، لو لم يقصد الضمان عن أي من كان ".
فمن الغريب ما في المسالك من دعوى موافقة هذا الكلام من التذكرة لما اختاره لا لما ذكره المصنف وهو عند التأمل الصادق عين ما في المتن.
وأغرب من ذلك ما وقع من بعضهم من أنه بناء على اعتبار القول لفظا كما عليه الأكثر وإن لم يصرحوا به، لمكان تصريحهم بأنه عقد لازم اقتضى ذلك تمييزه لا أزيد من ذلك، وإن لم نعتبره كما يدل عليه واقعة الميت المديون (1) الذي امتنع النبي صلى الله عليه وآله من الصلاة عليه حتى ضمنه علي عليه السلام لم يعتبر علمه بوجه، وهذا هو الظاهر من عبارة المصنف حيث اعتبر رضاه ولم يعتبر فيه عقدا ولا قبولا مخصوصا، ولا امتيازه هنا مع اعتباره امتياز المضمون عنه، إذ لا يخفى عليك أنه لا إشكال في اعتبار القبول فيه، لأنه لا إشكال في كونه من العقود، ولكن ذلك لا يقتضي المعرفة المزبورة فيصح حينئذ ضمانه له وإن لم يشخصه، وإن حصل القبول منه.