عندهم. بل المحكي عنهم أن براءة ذمة الضامن لا يقتضي براءة ذمة المضمون عنه، بخلاف العكس، لأنها من قبيل الوثيقة عند الديان، فتلفها لا يقتضي سقوط الحق بخلاف براءة ذمة المضمون عنه فإنها تقتضي براءة ذمة الضامن التي هي وثيقة على ذمة المضمون عنه، المفروض براءتها، فتفك حينئذ الوثيقة، وهي كما ترى قياس واستحسان وتحدس لا يوافق أصول الشريعة وقواعدها، ولعل قول المصنف على قول مشهور لنا إشارة إلى ما ذكرناه من الاحتمال، لا لوجود خلاف في المسألة، إذ قد عرفت أنها من قطعيات فقه الشيعة أو ضرورياته.
(و) كيف كان فلا خلاف عندنا في أنه (يشترط فيه) أي في لزوم الضمان (الملاءة أو العلم) من المضمون له (بالاعسار) والرضا به، بل عن ظاهر الغنية الاجماع، والسرائر نسبته إلى أصحابنا وجامع المقاصد ظاهرهم أن هذا الحكم موضع وفاق، ولعل ذلك مضافا إلى قاعدة الضرر، وبناء الضمان على الارتفاق، وإرادة الأداء وما عساه يشعر به ذيل خبر ابن الجهم (1) المتقدم، وما تسمعه من النصوص (2) في الحوالة الدالة على ذلك، وهي أخت الضمان دليل الحكم المزبور، وحينئذ فإذا كان الضامن مليا أو معلوم الاعسار عند المضمون له لزم بالضمان بلا خلاف ولا إشكال.
(أما لو ضمن ثم بان إعساره، كان للمضمون له فسخ الضمان، والعود على المضمون عنه) قيل: وليس هو كالبيع إلى أجل مثلا فبان اعساره، للفرق الواضح بينهما بالنسبة إلى الأداء، لكن ذلك إذا كان معسرا حال الضمان، أما إذا تجدد فلا خيار لأصالة اللزوم، بل قد يقوى عدم الخيار أيضا لو كان معسرا حال الضمان ولم يعلم به حتى تجدد يساره، للأصل أيضا، ولا ينافي الخيار المزبور سبق رضى المضمون له لضمانه حال عدم العلم باعساره، كما أنه لا فرق في ثبوته بين اعسار المضمون عنه، وعدمه، لاطلاق الفتوى المقتضي أيضا عدم الخيار مع الملاءة وإن لم يكن وفيا بل ظاهرهم عدم ثبوته بغير ذلك من وجوه الضرر، أو تعسر الاستيفاء، ولكنه لا يخلو من