ومما بدل على أن أبا هريرة قد استقى هذا الحديث من كعب الأحبار كما نص الأئمة على ذلك، وأنه من نبع إسرائيلي، أن هناك خبرا آخر يشابهه مرويا عن عبد الله بن سلام - الذي كان من أحبار اليهود وأسلم رواه الطبراني وهذا نصه:
" إن الله بدأ الخلق يوم الأحد فخلق الأرضين في الأحد والاثنين، وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء وخلق السماوات في الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة فخلق فيها آدم على عجل فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة.
وعبد الله بن سلام هذا قد حدث عنه أبو هريرة كما حدث عن كعب الأحبار (1).
ومن العجيب أن أبا هريرة قد صرح في هذا الحديث (بسماعه) من النبي وأنه صلى الله عليه وآله قد (أخذ بيده) حين حدثه به - وإني لأتحدى الذين يزعمون أنهم على شئ من علم الحديث، أن يحلوا هذا (المشكل) وأن يخرجوا شيخهم من هذه الورطة التي ارتطم فيها!
إن الحديث صحيح السند على قواعدهم، لا خلاف في ذلك بينهم، وقد رواه مسلم في صحيحة، ولم يصرح بسماعه من النبي فحسب، بل زعم أن رسول الله قد أخذ بيده وهو يحدثه به، وقد قضى أئمة الحديث بأن أبا هريرة قد أخذه من كعب الأحبار وأنه مخالف للكتاب العزيز - ولو رواه عنعنة لقلنا عسى، ولالتمسنا له مخرجا يخرج منه، ولكنه صرح بسماعه ووضع يده في يد النبي عندما تلقاه منه - فمثل هذه الرواية تعد ولا ريب (كذبا صراحا وافتراء على رسول الله) فما حكم من يقترفها؟ وهل تدخل تحت طائلة حكم حديث الرسول " من كذب على فليتبوأ مقعده من النار ". أم هناك مخرج لراوي هذا الحديث بذاته، لأنه صاحب الثوب، والوعاءين، والمزود (2)؟