الفارسي على المدائن وهما من الموالى، وكانت العرب عامة وقريش خاصة تحتقر الموالى - وكان يدع من هم أفضل منهم مثل على وعثمان وطلحة والزبير و عبد الرحمن بن عوف ونظرائهم.
وقيل له: مالك لا تولى الأكابر من أصحاب رسول الله فقال: (أكره أن أدنسهم بالعمل (1)) ولم يقف الامر عند ذلك فقد حبس هؤلاء الأكابر في المدينة معه.
قال الدكتور طه حسين نقلا عن الطبري:
كان عمر بن الخطاب قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج من البلدان إلا بإذن عاجل فشكوه فبلغه فقام فقال: ألا إني قد سننت الاسلام سن البعير، يبدأ فيكون جذعا ثم ثنيا، ثم رباعيا ثم سديسا ثم بازلا، ألا فهل ينتظر من البازل إلا النقصان! ألا فإن الاسلام قد يبزل، ألا وإن قريشا يريدون أن يتخذوا مال الله معونات دون عباده. ألا فأما وابن الخطاب حي فلا!
إني قائم دون شعب الحرة، آخذ بحلاقيم قريش وحجزها أن يتهافتوا في النار.
ولم يمت عمر رضي الله عنه حتى ملته قريش، وقد كان حصرهم بالمدينة فامتنع عليهم وقال، إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد (2) وقال: إن قريشا كانت تزعم لنفسها أرستقراطية متفوقة وقد اعترف لها العرب بهذه الاستقراطية في جملتهم (3). وليس ببعيد أن يفعل ذلك عمر خشية أن يستأثر كل وال بولايته عندما يولى عليها ويقطع صلته بالمدينة حضرة الملك كما فعل معاوية عند ما استأثر بحكم الشام وبذلك تتمزق الدولة.
وكان من سنة عمر إذا بعث عاملا له على مدينة أو ولاية كتب ماله لكي ينظر ماذا سيتصرف في ولايته ومدى ما ينتفع منها فإذا زاد هذا المال بعد توليته شاطره ما يزيد على أصل ماله. وكان من وصيته ألا يقر عاملا في عمله أكثر من سنة (4).