المرفوعة لم يسمعه منه صلى الله عليه وآله ولذلك روى أكثره عنه عنعنة (1)، أو بقوله:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وأقله بلفظ، سمعت رسول الله يقول كذا. وقد روى عن بعض الصحابة وعن بعض التابعين وثبت أنه روى عن كعب الأحبار - ومن هنا نجزم بأن موقوفات الصحابة التي لا مجال فيها للاجتهاد والرأي لا يكون لها قوة المرفوع كما قال المحدثون إلا إذا كانت ليست من قبيل الإسرائيليات " (2).
وقال رحمه الله (3):
" وأنا لا آمن أن يكون بعض أحاديث أبي هريرة المرفوعة الغريبة المتون التي لم يصرح فيه بالسماع (4) - مما رواه عن كعب الأحبار فقد صرحوا بأنه روى عنه ".
هذه ترجمة مختصرة لأبي هريرة التزمنا فيه الناحية التقريرية - ولم نسلك فيها المنهج التحليلي العلمي العصري الذي لا تكمل التراجم الصحيحة إلا به.
ولا تتم دراسة الرجال والاحداث إلا باتباعه - ذلك بأننا لم نصل بعد إلى احتمال سطوتها - وبخاصة إذا كان الامر يتصل بأحد الصحابة الذين قالوا فيهم: إنهم كلهم عدول! فلا يجوز لاحد أن ينتقد بالعلم أو العقل، أو بالبرهان والحجة، أحدا منهم، لا في روايته ولا في سيرته - ومما قالوه فيهم: إن بساطهم قد طوى!! كأن العدالة موقوفة عليهم، والعصمة مختصة بهم! وكأنهم في ذلك قد ارتفعوا عن درجة الانسانية - فلا يعتريهم ما يعتري كل إنسان من سهو أو خطأ، أو وهم أو نسيان، ولا نقول الكذب والبهتان!
فحاشاهم ذلك!