وأعطيناهم أمانا، أظهرنا لهم حلما تحته غضب! وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد، ومع كل إنسان سيفه، وهو يرى مكان أنصاره، وإن نكثنا بهم نكثوا بنا، ولا ندري أعلينا تكون أم لنا! ولإن تكوني بنت عم أمير المؤمنين خير من أن تكوني من عرض المسلمين (1)!!
وإذا كان معاوية قد فضح بهذا الحديث سر المؤامرة من أجل التخلص من على وبنيه، فإنه قد فضح كذلك نفسه في عبارة صادقة مكشوفة - كيف كان أسلوبه في حكم الناس! وماذا كان يضمر الناس له ولحكمه وما يكن لهم هو من غضب! مما يصح أن يعقد له كتاب برأسه يكون عنوانه:
" كيف كان الحكم الأموي " على أنه لا يفوتنا هنا أن نأتيك بصفحة من هذا الحكم بعد الكلمة الآتية:
لك الله يا علي!
هذه كلمة وجيزة عن دولة بنى أمية وكيف قامت وقد اضطررنا إلى هذا الايجاز، لان استيفاء الكلام في هذا الامر يحتاج إلى كتاب خاص أو إلى كتب مطولة.
ومما لا خلاف فيه ولا نزاع، أن معاوية كان باغيا، وأنه كان أول من هدم ركن الشورى في الاسلام وتبعه قومه، ومن أجل ذلك كثر كلام الناس في الانكار عليه وعلى قومه. ولا بأس من أن نورد هنا ذروا قليلا مما قالوه يكون كنموذج. وسنجعل في صدر ما ننقله ما جاء في صحيح البخاري عنه.
عقد البخاري في كتابه فصلا بعنوان (فضائل الصحابة) ذكر فيه ما جاء عن النبي في فضل كبار الصحابة. ولما وصل إلى معاوية قال:
(باب ذكر معاوية) ولم يقل باب مناقب معاوية! أو باب فضائل معاوية! كما يقول في غيره. ولم يذكر في الباب إلا حديثا واحدا بأنه أوتر بركعة، وقول ابن عباس فيه إنه فقيه. على أن هذا الحديث لا يكفي للدلالة على فقهه! ولكنها السياسة! ومن يدرينا إن كان ابن عباس قد قال هذه