الجرح والتعديل (1) وكان عليهم بذلك أن يجرحوا أبا هريرة من هاتين الناحيتين لأنه كان يدلس ويرسل - تركوه يروى كما يريد، ويتحدث بما يشاء، من غير أن يشك في روايته أحد، أو يجرحه إنسان لأنه صحابي جليل!
وإليك كلمة حق تؤيدنا فيما أثبتناه من تناقض رجال الحديث في تطبيق قواعدهم على الصحابة وغير الصحابة صرح بها علماء الكلام فقالوا (2):
ومن عجيب شأنهم (3) أنهم ينسبون (الشيخ) (4) إلى الكذب ولا يكتبون عنه ما يوافقه عليه المحدثون بقدح يحيى بن معين، وعلي بن المديني (5) وأشباههما ويحتجون بحديث أبي هريرة فيما لا يوافقه عليه أحد من الصحابة وقد أكذبه عمر وعثمان وعائشة "، وغيرهم، وكثيرون ممن جاء بعدهم من التابعين. ولم يبرح أهل التحقيق يكذبونه حتى يومنا هذا وإلى يوم الدين.
كثرة أحاديث أبي هريرة:
لو كانت أحاديث رسول الله كلها من الدين العام. كالقرآن الكريم.
لا يقوم إلا عليها، ولا يؤخذ إلا منها، وأنه يجب على كل مسلم أن يعرفها ويتبع ما فيها، كما يتبع ما في القرآن، وكان النبي قد أمر أصحابه أن يحفظوا هذه الأحاديث لكي تؤثر عنه من بعده - لكان أكثر الصحابة رواية لها، أعلاهم كعبا في الدين، وأثبتهم قدما في الايمان، وأسناهم مرتبة في العلم - ولكان المقلون منهم في الرواية دون المكثرين في رتبة الدين، ووراءهم في درجة العلم والفضل، وخلفهم في منزلة الاعتبار والقدر - ولكنا نجد الامر كما بدا في كتب الحديث المعروفة للجمهور قد جرى على خلاف ذلك.