عن قبول خبره، وعن قبول شهادته، حتى نعلم حاله - وسواء أقال الراوي العدل: حدثنا الثقة أو لم يقل، لا يجب أن يلتفت إلى ذلك، إذ قد يكون عنده ثقة من لم يعلم من جرحته، ما يعلم غيره، وقد قدمنا أن الجرح أولى من التعديل.
وقد كذب على النبي صلى الله عليه وآله وهو حي، وقد كان في عصر الصحابة منافقون، ومرتدون فلا يقبل حديث قال راويه فيه: عن رجل من الصحابة، أو حدثني من صحب رسول الله (حتى يسميه) ويكون معلوما بالصحبة الفاضلة (1) - قال لله عز وجل: " وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم! سنعذبهم مرتين، ثم يردون إلى عذاب عظيم ".
وقد ارتد قوم ممن صحب النبي صلى الله عليه وآله كعيينة بن حصن والأشعث بن قيس وعبد الله بن سرح إلخ.
" وقد روى مسلم عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر قال: أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت: بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة، العلم، في الثوب، وميثرة الأرجوان، وصوم رجب (2)! فأنكر ابن عمر أن يكون حرم شيئا من ذلك!
فهذه أسماء وهي صحابية من قدماء الصحابة، وذوات الفضل منهم - قد حدثها بالكذب من شغل بالها حديثه عن ابن عمر، حتى استبرأت ذلك، فصح كذب المخبر.
فواجب على كل أحد أن لا يقبل إلا من عرف اسمه وعرف عدالته وحفظه " (3).
انتهى كلام ابن حزم. وقال في المسائل التي جعلها مقدمة لكتابه المحلى:
والمرسل والموقوف لا تقوم بهما حجة.