فقال يا رسول الله: أنزل في شئ؟ قال: لا، إلا أنى أمرت أن أبلغه أنا، أو رجل من أهل بيتي (1).
هذه هي قصة حج أبى بكر على وجهها الصحيح، فأين كان أبو هريرة إذن؟ وأين مكانه بجوار أبى بكر، أو بجانب علي؟
وإنا نقول في ثقة: بأننا لا نطمئن بما أورده الرواة عن أبي هريرة في هذا الامر وإن كان فيهم البخاري، أو غير البخاري، ونقطع بأن أبا هريرة لم يكن في هذه الحجة، ولم يشهدها، لا مع أبي بكر، ولا مع علي! وأنى له أن يحضر هذه الحجة وهو كان يومئذ على التحقيق ليس بالمدينة، وإنما كان بالبحرين مع العلاء - كما أثبتنا ذلك من قبل (2).
وثم دليل آخر قوى يؤيد ما حققناه من أن أبا هريرة لم يشهد هذا الحج ولا كان حينئذ في المدينة أنه جعل في حديثه الذي مر بك آنفا أجل عهد النبي صلى الله عليه وآله إلى المشركين أربعة أشهر! وقد أنكر العلماء ذلك لان الذي جاء في خطبة الامام يومئذ: ومن كان له عهد من المشركين فأجله إلى أمده بالغا ما بلغ، ومن ليس له عهد فأجله إلى أربعة أشهر! وهذا مما يدل قطعا على أنه لم يسمع بأذنه، ما قيل يومئذ وإنما أخرجه من كيسه، وافتراه من عند نفسه.
ومن غرائبه أنه قال - كما جاء في المستدرك للحاكم:
دخلت على رقية بنت رسول الله امرأة عثمان وبيدها مشط فقالت: خرج رسول الله من عندي آنفا، رجلت شعره، فقال: كيف تجدين أبا عبد الله (يعنى عثمان) قالت: بخير، قال: أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خلقا (3).
قال الحاكم: هذا حديث (صحيح الاسناد) واهي المتن! فإن رقية ماتت سنة 3 من الهجرة عند فتح بدر، وأبو هريرة أسلم بعد فتح خيبر في سنة 7 من الهجرة. ولكنه أبو هريرة!!