عن الصحابة! والجهالة بالصحابي غير قادحة، لان الصحابة كلهم عدول!
قال الحافظ العراقي: وفى قوله: - لان روايتهم عن الصحابة - نظر، والصواب أن يقال: لان غالب روايتهم، إذ قد سمع جماعة من الصحابة من بعض التابعين (1).
ونحن لا ندري لماذا يفرقون بين مراسيل الصحابة، وبين مراسيل غيرهم، فيجعلون مراسيل الصحابة في حكم الموصول الذي يؤخذ به، أما مراسيل غيرهم فيختلفون في الاخذ بها، والصحابة ناس يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم من التابعين وغير التابعين - وقد أثبت التاريخ والقرآن يؤيده - أنه قد وقع منهم مثل ما وقع من سائر خلق الله من الأناسي أجمعين، فكان منهم المنافقون، وكان منهم من ارتكب الكبائر، وكان منهم من قاتل بعضهم بعضا، وكفر بعضهم بعضا، ثم كان منهم المرتدون. وغير ذلك مما يعلم من تاريخهم، ولا يستطيع عاقل منصف أن يدافع عنهم، وقد أشبعنا القول في أمر عدالة الصحابة فارجع إلى الفصل الذي عقدناه لذلك في كتابنا (أضواء على السنة المحمدية)، الطبعة الثالثة.
أبو هريرة ليس كغيره من الصحابة بل له وضع خاص:
لو حققنا النظر في أمر أبي هريرة على ما تبين من دراسة تاريخه، وعرفنا حقيقة مكانه من الصحبة بين غيره، وبخاصة في عهد النبي وخلفائه - لوجدنا أنه من دون الصحابة جميعا، يجب أن يكون له وضع خاص لأنه قد أصيب من طعن كبار الصحابة ومن جاء بعدهم فيه إلى اليوم بما لم يصب بمثله أو بقليل منه أحد غيره - مما كان بعضه يكفي لتجريحه، وتمحيص رواياته والتوقف فيها، ولكن الآمر قد جرى معه على غير ما كان يجب أن يجرى. فقد رأينا رجال الجرح والتعديل قد وقفوا منه ومن مثله من الصحابة - موقفا عجيبا - خالفوا فيه قواعدهم التي وضعوها، وطبقوها على الرواة جميعا من غير الصحابة. فلم يمسوه - بنقد أو تجريح، واعتبروه عدلا صادقا، لا يجوز أن يستريب أحد