اتهام الصحابة لأبي هريرة كان من أثر إفراط أبي هريرة في التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله مما لم يقع مثله لاحد حتى لمن طالت صحبتهم. وكانوا أدنى إلى النبي صلى الله عليه وآله منه كالسابقين والمهاجرين والأنصار، وبخاصة على الذي تربى في حجر النبي وعاشره وناصره إلى أن توفى، على حين أن أبا هريرة لم يصاحب النبي إلا عاما وبعض عام! كان من أثر ذلك أن اتهموه وأنكروا عليه وأخذوا ينتقدونه بل يكذبونه!
أكذبه عمر وعثمان وعلى وعائشة وغيرهم:
مما لا خلاف فيه أن أبا هريرة قد ناله من طعن الصحابة ومن بعدهم ما لم ينل مثله ولا بعضه صحابي آخر. وقد ثبت أن عمر وعليا وعثمان وعائشة وغيرهم من كبار الصحابة قد كذبوه في وجهه، وبلغ من أمر عمر معه أن نهاه عن الرواية ثم ضربه عليها، وبعد ذلك أنذره إذا هو روى أن ينفيه إلى بلاده، وقد بينا ذلك كله في موضعه من هذا الكتاب.
وقد قال ابن قتيبة في كتابه ﴿تأويل مختلف الحديث﴾ (1): لما أتى أبو هريرة عنه صلى الله عليه وآله ما لم يأت بمثله من صحبه من جلة الصحابة والسابقين الأولين إليه، اتهموه وأنكروا عليه وقالوا كيف سمعت هذا وحدك ومن سمعه معك؟
وكانت عائشة رضي الله عنها أشدهم إنكارا عليه لتطاول الأيام بها وبه.
وقالوا (2): ومن عجيب شأنهم (أي رجال الحديث) أنهم ينسبون الشيخ إلى الكذب ولا يكتبون عنه ما يوافقه عليه المحدثون بقدح يحيى بن معين وعلى ابن المديني وأشباههما، ويحتجون بحديث أبي هريرة فيما لا يوافق على أحد من الصحابة وقد أكذبه عمر وعثمان وعائشة.