المعاصر أن يحاصر كاتب حر وتضرب حوله السدود والاقفال لرأى قاده إليه الدليل، وحركه نحوه الجهر بالحق؟
تلك هي محنة العلامة (أبو رية) وهي محنة إذا وجدت في القرون الوسطى مسوغا من عشوائية المرحلة فليس لها في عصرنا أدنى مسوغ. وأغرب ما في هذه المحنة أن طوقها من صنع غير الحكام خلافا للمعهود في الأزمنة الغابرة. الطوق اشترك في حبكه حول (أبو رية) كتاب كالسباعي أحاطوه بأراجيف وافتراءات منفردة، وناشرون استغلوا ظرفه هذا فاشترطوا لنشر كتابه تجريده من حقوق المؤلف، ولك أن تجد بين هؤلاء وأولئك سبب تطوعنا لنشر هذا الكتاب الجليل.
بقى أن السباعي وأمثاله سيؤكدون للبسطاء من قرائهم تهمة تشيع (أبو رية) ويسوقون التهمة - كما جاءت في كتاب السنة - بأسلوب المرجفين، وليت السباعي يحيى عصره ليخفف على نفسه ثقل هذا الأسلوب الغليظ، فالتشيع لم يعد كفرا، ولا إلحادا في الدين، ولم يعد التسنن ضلالة، ولا خروجا على الاسلام كذلك، وإنما هما في مفهوم الوعي الحديث جدولان يتألف منهما نهر الاسلام الكبير، فلا يخطئ الاسلام متدين تشيع أو تسنن، أما الذين يخطئونه حقا فإنما هم المرجفون المفرقون المتعصبون من الفريقين.
والبحث في الحديث والمحدثين بحثا علميا ينفض عنهما غبار القدم رسالة لا يقدرها حق قدرها إلا مسلم يعيش الاسلام بعلم وإخلاص.
هدانا الله لما فيه صلاح أنفسنا ومصلحة أمتنا، ولا يشذ عن هذين تأليف هذا الكتاب ولا نشره، ولا الانتفاع بقراءته واقتنائه.
صدر الدين شرف الدين