الرطب يحتمل قويا أنها ليست منه أيضا، لا يقال: إنه لو كان كذلك لكان كثير من الغائط ليس منه، لكونه عبارة عن المأكول، لكنه تجعله المعدة أجزاء دقاقا، لأنا نقول المدار على الصدق العرفي، والتغير له مدخلية، نعم قد يقال: ذلك في بعض الأشياء التي حد طبخ المعدة لها لا يخرجها عن الحال الأول خروجا تاما، مع أن الظاهر فيه اعتبار الصدق العرفي أيضا، وهو مضبوط فيه وإن كان عند التدقيق يحصل الاشتباه في بعض الأشياء، كما في كثير من معاني الألفاظ العرفية حتى في لفظ الماء والأرض ونحوهما، ولا معنى للالزام في الصدق العرفي، إذ العرف قد يطلق على بعض الأشياء أنها من الغائط إن خرجت ممزوجة بمتيقن الغائطية، ولا يصدق لو خرجت مستقلة مثلا، والضابط ما ذكرناه فما تقدم، وفي مثل بعض أجزاء الحقنة والدواء، وفاسد المعدة التي لا تطبخ معدته غذاءه، إلى غير ذلك فتأمل.
ويظهر من جملة من الأخبار (1) تقييد الريح الناقضة بسماع الصوت ووجدان الريح، ومن المعلوم عدم اشتراط ذلك، لاطلاق الأدلة من الاجماعات وغيرها، ومعلومية الإرادة بالقيد دفع الوسوسة التي أشير إليها بالروايات (2) من أن الشيطان ينفخ في دبر الانسان حتى يتخيل أنه قد خرج منه ريح، ولذلك قال موسى بن جعفر (عليهما السلام) (3) في خبر علي أخيه كما عن قرب الإسناد لما سأله عن رجل يكون في الصلاة فيعلم أن ريحا قد خرج فلا يجد ريحها ولا يسمع صوتها: " يعيد الوضوء والصلاة، ولا يعتد بشئ مما صلى إذا علم ذلك يقينا " وكأن المسألة من الواضحات، وما في المدارك - بعد ذكر خبر زرارة (4) ومعاوية بن عمار (5) المشتملين على تقييد الريح بسماع الصوت ووجدان الريح أن مقتضى الرواية أن الريح لا يكون ناقضا إلا مع أحد الوصفين - لعله