الأمور الموجبة لفعل الطهارة وعلى الأثر الحاصل منها، فتقابله مع الطهارة مقابلة الأضداد، لا مقابلة العدم والملكة، فالمخلوق دفعة بالغا كآدم مثلا لا يحكم عليه بأحدهما، فما كانت الطهارة شرطا فيه تجب، وما كان الحدث مانعا منه جاز فعله بدونها، وقد يحتمل أنه يلاحظ في بعض الأحداث معنى الحدثية اللغوية، فلو أرسل خشبة أو نحوها في المقعدة فأخرج بها شئ من الغائط لا يسمى حدثا، ولا ينقض به وضوء وإن كان الظاهر خلافه كما ستعرف، والموجبة الثابت عندها الخطاب بالوضوء لولا المانع، والموجب في هذا المعنى مرادف للسبب والمقتضي، كما لا يخفى على المتتبع، لا طلاق لفظ الموجب في كلامهم، سواء كان خطابا واجبا أو مستحبا لنفسه أو لغيره، وعبر في القواعد بالأسباب، وفي السرائر بالنواقض، وكان اختلاف التعبير منشؤه الأخبار، فالتعبير بالموجبات لقوله (عليه السلام) (1): " لا يوجب الوضوء إلا من غائط أو بول " إلى آخره والنواقض لقوله (عليه السلام) (2): " ليس ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك الأسفلين " إلى آخره، والأسباب لقوله (عليه السلام) (3): " إنما الوضوء من طرفيك اللذين أنعم الله بهما عليك ".
لكن قيل إن التعبير بالأسباب أولى، لكونه أعم منهما مطلقا، لكون السبب عرفا هو الوصف الوجودي الظاهر المنضبط الذي دل الدليل على كونه معرفا لاثبات حكم شرعي لذاته، سواء كان الحكم الشرعي وجوبا أو ندبا، وقولنا لذاته لادخال حدث الصبي والمجنون والحائض، فإن ذاته مقتضية لذلك، لكن وجود المانع منع من تأثير المقتضي، وهو لا ينافي السببية عرفا، ومن هنا وجب الوضوء مثلا عند ارتفاعه، فحدث المجنون حينئذ في حال جنونه سبب، وأما الموجب فهو الذي يثبت عنده الخطاب الوجوبي، والناقض المسبوق بطهارة، ومن المعلوم أن الحدث أعم من ذلك، لصدقه عند عدم