وكشف الحال في المسألة إنا نقول الروايات خالية عن كيفية تطهير المضاف، فلم يبق لنا إلا إدخاله تحت القواعد الممهدة، والظاهر أنه غير قابل للتطهر، لعدم ثبوت كيفية خاصة في تطهيره، ولا يمكن جريان ما وصل إلينا من المطهرات عليه حتى بالاستحالة بممازجة دون الكر من الماء مثلا بل والاستهلاك به بناء على أن الاستحالة إنما تفيد طهارة ما كانت النجاسة دائرة مدار اسمه، كالكلب والخنزير ونحو ذلك، فإذا استحالت إلى موضوع آخر لا يطلق عليه هذا الاسم اتجه الحكم بطهارتها، أما إذا كان لحوق وصف النجاسة ليس دائرا مدار الاسم بل مدار الذات، وهي بالاستحالة لم تذهب فلا تفيد استحالة المتنجسات طهارة، لما عرفت، بل وعلى غيره أيضا باعتبار كون الاستحالة والاستهلاك في الفرض إلى ما تنجس به من الماء والاستهلاك به فأقصاه انقلابه إلى ماء متنجس كما هو واضح، نعم لو فرض إمكان انقلابه إلى الماء حقيقة بنفسه مثلا وقلنا أن الاستحالة تطهر النجس والمتنجس أمكن دعوى طهارته، لكن يظهر من بعضهم أنه لا يطهر إلا بالكثير، ولعله لعدم إمكان الفرض، أو عدم كون مثل هذا الانقلاب مطهرا، والقياس على الخمر المنقلبة خلا باطل، فتأمل جيدا. وعلى كل حال فالمضاف قابل لأن ينقل إلى جسم قابل للتطهر، فإذا انقلب مثلا إلى المائية ولو بامتزاجه بماء قليل، أو علاج آخر صار حاله حال الماء يطهره ما يطهره وحيث يمتزج به كثير لا يحكم بطهارة المضاف حتى يستهلكه المطلق، ويكون ماء مطلقا فيطهر حينئذ بالكثير، وليس هذا تطهيرا للمضاف نفسه، كما هو واضح.
والظاهر أنه لا حاجة إلى ترتب زماني، بل أول زمان زوال مضافيته زمان طهارته، لكون السبب في الطهارة موجودا، وكان تأثيره موقوفا على زوال المانع، فعنده حينئذ تتم العلة، وترتب المعلول عليها لا يحتاج إلى زمان، لا يقال: حال الماء المضاف كحال الماء، فكيفية تطهيره كيفية تطهيره، لأنا نقول: هو مع أنه قياس فيه أن الفرق بينهما واضح من وجهين، الأول لأن الماء يمكن سريان الطهارة فيه باعتبار