ولكثير من الأخبار، منها ما دل (1) على اشتراط عدم التنجيس بالجفاف، وتطهير الأواني الشامل للصقيل، ودعوى خروجها بالدليل ليس بأولى من القول بأنه يستفاد من تتبع الأدلة على كثرتها منضمة إلى فهم الأصحاب إن هذه النجاسات تنجس ما لاقاها صقيلا وغيره مع الرطوبة، وإن أراد أنها أي الأجسام تنجس لكن لا يجب الغسل لعدم الدليل، وما دل على وجوب اجتناب أعيان النجاسة لا يقتضيه ففيه أن معنى الحكم بالنجاسة ثبوت أحكام شرعية لا طريق للعقل في رفعها، وعوى أن الطهارة الشرعية عبارة عن النظافة العرفية فرية بينة، إذ المستفاد من تعفير الإناء والصب مرتين وغير ذلك خلافه.
ولقد أجاد المرتضى في جوابه لما سئل عن بيع نجس العين ونجس الحكم بأن الأعيان ليست نجسة، لأنها عبارة عن جواهر مركبة، وهي متماثلة فلو نجس بعضها لنجس سائرها، وانتفى الفرق بين الخنزير وغيره، وقد علم خلافه، وإنما التنجس حكم شرعي، ولا يقال نجس العين إلا على المجاز دون الحقيقة انتهى. على أن الاستصحاب بالنسبة للطهارة والنجاسة كأنه إجماعي، بل هو كذلك، وأيضا حكمه بالتنجس ليس مستندا لدليل دال على أن كل نجاسة عينية إذا لاقت نجست ما تلافيه، بل مستنده الأمر بالغسل في كثير من المقامات القاضي بالتنجيس، فهو إن كان شاملا للمقام اقتضى وجوب الغسل له أيضا، وإلا فلا تنجيس، ولو كان مفروقا في بحر منها، مع أن إيجاب المسح من أين يستفاد، إذ كثير من نجاسة النجاسات إنما استفيدت من الأمر بالغسل لما يلاقيها، فإن كان شاملا للمقام اقتضى وجوب الغسل، وإلا فلا نجاسة، على أن استفادة ما ذكره من القاعدة أي حصول الطهارة بزوال العين من ما دل (2) على حكم البواطن وأعضاء الحيوان غير الآدمي (3) ليس بأولى من استفادة القاعدة.