الأغلبية إنما تعتبره بعد وجود الفرد على حالة لم تعرف، وما مثل المقام فلا مدخلية لها قطعا وكيف يمكن دعوى تقدير الوسط فيما إذا كان في السابق دون الوسط، ضرورة كون المتجه حينئذ تقدير الصفات التي كانت فيه سابقا، ومع التفاوت فالمتأخرة أقرب حينئذ، نعم قد يتجه ذلك ما في فاقد الصفات دون سالبها، لكن مع ملاحظة الصنف، وإلا فمع فرض عدم وجود صفات للصنف يمتنع التقدير، إذ احتمال تقدير الانتقال إلى نوع آخر ونحوه بعيد، بل ممنوع.
ثم إنه كما يراعى الوسط في الصفات ينبغي أن يراعى الوسط في الماء كما في الذكرى مع احتمال العدم، لكون المنقلب إنما هو خصوص هذا الماء، فلا وجه لفرض أنه ماء آخر، والجميع كما ترى، وقد مر نظير المسألة في الملاقي للنجاسة المسلوبة الأوصاف أو الفاقدة أو الموافقة للماء، فلاحظ وتأمل فإنه قد يكون المقام أوضح فسادا من ذلك، والله العالم.
ولو امتزج المطلق بالمضاف بحيث لا يصدق عليه اسم المطلق ولا اسم المضاف ولم يعلم استهلاك أحدهما بالآخر فالظاهر عدم جواز استعماله في كل ما اشترط بالمائية، كالطهارة من الأحداث والأخباث، ويحتمل أن يقال: إنه بهذا الامتزاج لم يخرج كل منهما عن حقيقته، لعدم تداخل الأجسام، فللمجنب حينئذ أن يرتمس فيه، ويرتفع عنه الحدث، وكذلك الوضوء إلا أنه يشكل من جهة المسح، لمخلوطية الماء بغيره، والحاصل كل ما يقطع فيه بجريان الأجسام المائية عليه حكمه، إلا أن يمنع مانع خارجي، وربما يؤيده أن الأصل عدم خروج المطلق عن إطلاقه، كما أن الأصل عدم خروج المضاف عن كونه مضافا، ولا ريب أن الأول أقوى، بناء على خروج الماء بالامتزاج المزبور عن الماء المطلق، أو عن الحكم ولو بصيرورته موضوعا خارجا عن كل منهما، فهو وإن لم يكون ماء ورد مثلا لكنه بحكمه باعتبار عدم الحكم عليه بكونه ماء مطلقا، نعم لو قلنا ببقاء كل منهما على حاله إلا أن الامتزاج أفاد الاشتباه اتجه ما ذكره، فتأمل جيدا.