غير العرف العام السابق فأراد أن ينبه على أنه ليس المدار إلا على زمانه (صلى الله عليه وآله) لكنك تعلم أن هذا الاطلاق لم يكن عند عامة أهل العرف العام، بل كان إطلاق من أطلق إنما كان لمشاركته للبئر من جهة الحفر ووصوله إلى حد النبع ونحو ذلك مما يشارك بها البئر النابع، وقد يشير إلى ذلك قولهم بئر جار وبئر نبع فتأمل. والحاصل أن الذي ينبغي النظر إلى حال العرف في مثل هذا الزمان، فما يعلم حدوثه لا يلتفت إليه وما لم يعلم تعلق به الحكم لأنه به يستكشف العرف السابق وتثبت اللغة إن لم يعلم مغايرتها وإلا قدم عليها على الأصح، فمثل الاطلاق في هذا الوقت على مثل آبار المشهد الغروي وغيره مما علم حدوثه لا يلتفت إليه ولا يتعلق به حكم، وأما غيره فيبقى على القاعدة. واحتمال المناقشة في حدوث هذا الاطلاق بأنه قد يكون البئر سابقا لما هو أعم مما ذكره المعرف لا وجه له لاعتبار النبع فيه قطعا. نعم قد يقال إن الذي يقتضيه المنقول عن كثير من أهل اللغة من تفسير النبع بأنه الخارج من عيون، بل قد يقتضيه التعليل (1) بأن له مادة عدم دخول البئر الذي يكون ماؤها رشيحا لعدم تبادر ذلك من المادة، ومثل ذلك فيما يكون مادته من الثمد، مع أن الأصل عدم تعلق أحكام البئر، بل ينبغي القطع به بالنسبة إلى الثمد لعدم النبع فيه لغة وعرفا لكن الأقوى جريان حكم البئر على الرشيحية لاطلاق اسم البئر عرفا فيقدم على اللغة، مع أن المنقول عن صاحب الصحاح تفسير النبع بمطلق الخروج وقد تقدم لنا في الجاري ما يظهر منه ترجيح ذلك.
وهل يشترط في اسم البئر دوام النبع بمعنى أنه لا ينقطع عنها النبع كما قد يشعر به التعليل بالمادة أو لا؟ وجهان، والظاهر دوران الحكم مدار استعدادها للنبع، فتوقفه على اخراج بعض مائها لا يقدح في صدق اسم البئر. ولو كان لها وقتان تنقطع في أحدهما دون الآخر فالظاهر دوران الحكم مداره وجودا وعدما. ولو شك فيها في هذا الحال لم يبعد التمسك بأصالة عدم الانقطاع إن لم يعلم أن لها حالتين، وأما بعد العلم