أراد تفهيم السامع ما لا يجوز ارتكابه من غير دليل وقرينة عليه، نعم ربما يرتكب في مثل بعض الأخبار التي أعرض عنها الأصحاب وقوي فيها المعارض إخراجا عن صورة المخالفة لا في مثل ما نحن فيه، وقد عرفت أن الرواية قد اشتملت على ضروب من الدلالة، والطعن فيها بالمكاتبة ضعيف لحجية المكاتبة ولذلك أسنده إلى الإمام (عليه السلام) فقال: قال: والظاهر أن مراده الإمام (عليه السلام)، على أنه نقلت بطريقين أحدهما فيه كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا (عليه السلام) إلى آخره فقد يكون هذا الراوي سمع ذلك تارة مشافهة وأخرى مكاتبة. وما يقال إن هذه الرواية عامة وما دل على النجاسة بالأشياء الخاصة خاص فيقدم عليه - في غاية الضعف، أما أولا فإنه على القول بالنجاسة يكون التخصيص مستغرقا للعام إذ لا شئ من النجاسات لا تنجسه على مختارهم وثانيا أنه إن قصد بما دل على النجاسة أخبار النزح ففيه أنه لا دلالة فيه إذ ليس منحصرا وجهه في ذلك، لاحتمال التعبد كما يدعيه بعضهم، واحتمال أن يكون ذلك لطيب الماء وزوال النفرة الحاصلة من وقوع تلك الأعيان، وإن أراد غيرها مما قدمنا ذكره في أدلة النجاسة ففيه أن شرط التخصيص المقاومة وهي مفقودة لوجوه لعلك تسمع بعضها إن شاء الله تعالى. وما يقال أيضا أن ظاهر الرواية متروك لحصول النجاسة بالتغير اللوني - ففيه أنه على تقدير تسليم أن ما في الرواية لا يدل عليه لا يخرجها عن الحجية كما هو مقرر في محله. وصحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن بئر ماء وقع فيه زبيل من عذرة يابسة أو رطبة أو زبيل من سرقين أيصلح الوضوء منها؟ قال: لا بأس " ووجه الدلالة واضح. وما يقال إن العذرة والسرقين أعم من النجس وبأن السؤال وقع عن الزبيل المشتمل عليهما ووقوعه في البئر لا يستلزم إصابتهما الماء وإنما المتحقق إصابة الزبيل خاصة. وبإمكان أن يراد لا بأس بعد نزح الخمسين ففيه - بعد إمكان الاستدلال على تقديره بترك الاستفصال - أن العذرة لغة وعرفا فضلة الانسان كما صرح به بعضهم
(١٩٥)