(رحمه الله) (لا يتعداها غالبا) لا يخلو من إجمال، لأنه إن أراد بالغالب بحسب الأزمان ورد عليه أنه ينبغي حينئذ أن تجري على المتعدي حال التعدي ولو نادرا أحكام البئر إذ يصدق عليه أنه لا يتعداها غالبا، وإن أراد بحسب أفراد البئر ورد عليه مثل الأول بالنسبة للفرد النادر. (فإن قلت) أن ذلك كله يدفعه قوله ولا يخرج عن مسماها عرفا، قلت هو مغن حينئذ عن قوله لا يتعداها إلى آخره، لكن قد يكون مقصوده أن التعدي إذا كان نادرا لا يخرجها عن البئرية حال عدم التعدي بخلاف ما لو كان التعدي هو الغالب وعدم التعدي هو النادر فإنه لا يلحقها أحكام البئر، وسئله إذا كانا متساويين لأن الأصل عدم تعلق أحكام البئر فما لم يعلم بئريته لا يحكم بتعلق الأحكام عليه، إلا أنه - مع أنه كيف يعرف المتعدي غالبا من غيره في الآبار المجهولة الحال، وتنقيح ذلك بالأصول لا يخلو من إشكال لا يخفى ما فيه من الاجمال الذي لا يناسب التعريف، بل قيل: " قوله ولا يخرج عن مسماها عرفا كذلك أيضا، لأن العرف الواقع لا يظهر أي عرف هو أعرف زمانه أم زمان غيره، وعلى الثاني فيراد الأعم أو الأعم منه ومن الخاص، مع أنه يشكل إرادة عرف غيره (صلى الله عليه وآله)، وإلا لزم تغير الحكم بتغير التسمية فيثبت في العين حكم البئر لو سميت باسمه وبطلانه ظاهر " وفيه أن العرف إذا أطلق ظاهر في إرادة العرف العام وبه تثبت الحقيقة اللغوية إن لم يعلم بمغايرتها ويقدم على اللغوية إن علم ثبوتها على الأصح (1) على أن ما ذكره هذا المتعرض من التشقيق كله لا محل له في المقام إذ ليس للبئر في زمانه معنى غير ما عندنا لا عرفا عاما ولا خاصا. وكأن الذي حداه إلى ذلك هو إطلاق لفظ البئر على مثل آبار المشهد الغروي والشامات في لسان أهل العرف وهو
(١٨٩)