الاجتناب من جهة النجاسة لأنه لا معنى لبيانه (عليه السلام) غير ذلك مما يرى ويعرفه كل أحد على أنه لا معنى للاستثناء حينئذ. ثم إنه (عليه السلام) لم يكتف بذلك حتى ذكر الاستثناء فلا يبقى السامع في وجل من جهة غلبة التخصيص، وهذا الاستثناء من العام يصيره بمنزلة النص، لا سيما إذا ذكر الفرد الظاهر المعلوم الحال فإنه يفيد أنه لا خارج منه إلا هذا الفرد الذي يعلمه كل أحد. ولو كان هناك فرد خفي لكان هو اللائق بالبيان. ثم إنه (عليه السلام) لم يكتف بذلك حتى بين أن تطهيره غير محتاج إلى مطهر خارجي كما في غيره بل تطهره إنما هو بنزحه حتى يذهب الريح ويطيب الطعم.
ثم إنه (عليه السلام) لم يكتف بذلك كله حتى أنه ذكر الاستدلال على ذلك بكونه له مادة، وهو على كل حال إن كان تعليلا للأول أو الثاني فيه دلالة على المطلوب. فهذه الرواية مع اشتمالها على المؤكدات الكثيرة لا ينبغي المناقشة في دلالتها وأيضا اكتفاؤه (عليه السلام) في الطهارة بالنزح المذهب للتغيير وإن لم يبلغ المقدر قاض بذلك إذ على تقدير النجاسة يجب استيفاؤه مع التغيير بطريق أولى كذا قيل، ولا يخلوا من تأمل لأنه راجع في الحقيقة إلى تعارض ما دل على التقدير ولو نزح الجميع مع هذه الرواية المكتفية بزوال التغيير. ولعل التعارض بينهما من وجه أو يقال بتحكيم ما دل على التقدير لخصوصه على وجه. وكيف كان فلا ينافي القول بالنجاسة ولا دلالة فيه على الطهارة.
وما في الاستبصار من " أن المراد بالرواية أنه لا يفسده شئ إفسادا لا يجوز الانتفاع بشئ منه إلا بعد نزح جميعه إلا ما يغيره فأما لم يتغير فإنه ينزح منه مقدار وينتفع بالباقي " غريب أما أولا ففيه أنه لا معنى لتخصيص التغير بالافساد الذي لا يجوز الانتفاع بشئ منه إلا بعد نزح جميعه، فإن صب الخمر والمنى وأحد الدماء الثلاثة والبعير وغيرها كلها من ذلك القبيل، كما أنه قد يجوز الانتفاع بشئ منه بدون نزح الجميع مع التغير في صورة لا يتوقف زوال التغيير على نزح الجميع بمقتضى هذه الرواية. وأما ثانيا فإن هذ التقدير والاضمار المشتمل على التخصيص الذي مآله إلى الألغاز الغير القابل لأن يخاطب به من