فإن قلت: إن ذلك ينبغي الجزم به، فلم قال الأقوى، قلت: هو - مع كونه في القواعد لم يقل ذلك، بل حكم به جازما من غير تردد، وإنما ذكر ذلك في المنتهى - لعل وجهه احتمال القول بعدم بقاء الطهارة، لأن غلبة هذا التغير دليل على أن المطلق لم يكن غالبا سابقا، فلم تحصل طهارة وإن كان ضعيفا، فيكون بهذا التقرير لا مخالف بحمد الله، نعم الشيخ (رحمه الله) زاد اشتراط عدم تغير المطلق بأحد أوصاف المضاف، وقد عرفت ما فيه، بل عرفت أن عبارته غير صريحة في ذلك، بقي الكلام في اشتراط الدفعة والتدريج، وقد تقدم أن عبارة الشيخ في المبسوط ليس فيها ذلك، بل إنما وقعت في عبارة العلامة (رحمه الله) في بعض كتبه، وبعض من تأخر عنه، ولعل المسألة مبنية على ما تقدم من اشتراطها في تطهير الماء النجس وعدمه، مع احتمال الفرق بينهما على بعد، وكمسألة الدفعة مسألة الالقاء فتأمل جيدا.
(و) قد ظهر ما ذكرناه أنه (لو مزج طاهره) أي المضاف (بالمطلق اعتبر في) بقاء (رفع الحدث به) بل والخبث بل وباقي ما يترتب على كونه ماء مطلقا من الأحكام (إطلاق الاسم) بعد الوقوف على حقيقة الحال كما تقدم تحقيق ذلك في المباحث السابقة.
(وتكره الطهارة بماء أسخن بالشمس في آنية) كما في المعتبر والنافع والقواعد والتحرير والإرشاد وغيرها، بل في الذخيرة أنه مشهور بين الأصحاب، بل في الخلاف نقل الاجماع على كراهة الوضوء بالمسخن بالشمس إن قصد به ذلك، وفي السرائر إن ما أسخنته الشمس بجعل جاعل له في إناء وتعمده لذلك فإنه مكروه في الطهارتين معا فحسب، والأصل في المسألة خبر إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن (عليه السلام) (1) قال: " دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عائشة وقد وضعت قمقمتها في الشمس، فقال: يا حميرا ما هذا؟ قالت: أغسل رأسي وجسدي، قال: لا تعودي، فإنه يورث البرص " وفي الوسائل أنه رواه الصدوق في المقنع مرسلا، ورواه في العلل