وعن ابن الاعرابي قال أقام النابغة الجعدي ثلاثين سنة لا يتكلم ثم تكلم بالشعر فقيل له النابغة.
وكان شاعرا قديما مفلقا طويل البقاء في الجاهلية والإسلام وهو أسن من نابغة بنى ذبيان ويدل على ذلك قوله:
ومن يك سائلا عنى فإني * من الفتيان أيام الخنان أتت مائة لعام ولدت فيه * وعشر بعد ذاك وحجتان فقد أبدت خطوب للدهر منى * كما أبقت من السيف اليماني وعمر بعد ذلك عمرا طويلا والخنان بضم الخاء وبعدها نونين بينهما الف على وزن سراب، سئل محمد بن حبيب عن أيام الخنان ما هي فقال وقعة كانت لهم فقال قائل منهم خنوهم بالرماح فسمى ذلك العام عام الخنان انتهى. يقال خنى الجذع إذا قطعه والقوم وطئ تحتهم أي حريمهم.
وقال الفيروز آبادي في القاموس الخنان كقراب زمام للإبل وزمن الخنان كان في عهد المنذر بن ماء السماء ماتت الإبل منه ومن شعر النابغة في طول عمره:
قالت امامة كم عمرت زمانة * وذبحت من عنز على الأوثان ولقد شهدت عكاظ قبل محلها * فيها وكنت أعد ملفتيان والمنذر بن محرق في ملكه * وشهدت يوم هجائن النعمان وعمرت حتى جاء احمد بالهدى * وقوارع تتلى من القرآن ولبست في السلام ثوبا واسعا * من سيب لا حرم ولا منان والمنذر بن محرق المذكور هو ابن النعمان ملك الحيرة وكان من ندمائه كما يدل عليه قوله:
تذكرت والذكرى تهيج على الفتى * وما حاجة المحزون ان يتذكرا نداماي عند المنذر بن محرق * أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا كهول وفتيان كأن وجوههم * دنانير مما شيف في أرض قيصرا